التطور التاريخي لفريضة الزكاة

اقرأ في هذا المقال


أكد الإسلام على ضرورة الالتزام بأداء الفرائض، والالتزام بأحكامها على مدى الزمن، وهي فرائض ثابتة لا تتغير بتغير الزمان والمكان، رغم أنها تتميز بالمرونة والموافقة لظروف الحياة المختلفة، بأحكامها التي تراعي أحوال الناس وتيسير أمور حياتهم، وكانت الزكاة من هذه الفرائض التي مرت منذ ظهور الإسلام، إلى وقتنا الحاضر بالعديد من المراحل، مع ثبات أحكامها ومضامينها ومقتضياتها، وسنتتبع هنا التطور التاريخي لفريضة الزكاة.

الزكاة في زمن الرسول عليه الصلاة والسلام:

أوجب الإسلام الزكاة على المسلمين، وبين الرسول _عليه الصلاة والسلام_ ذلك، من خلال ما نزل في الزكاة من آيات قرآنية، وبين ما يتعلق بها من أحكام وضوابط، بما ورد عنه _عليه الصلاة والسلام_ من أحاديث شريفة، كما أكد على ضرورة التزام أصحاب الأموال بدفع ما يُفرض عليهم من زكاة، وجمع هذه الأموال، وتوزيعها على مستحقيها من الفقراء والمحتاجين. وتم الاعتماد على بعض أموال الزكاة في زمن الرسول _عليه الصلاة والسلام_ في الحروب والغزوات.

الزكاة في زمن الصحابة رضي الله عنهم:

اتّبع الصحابة _رضي الله عنهم_ منهج الرسول _عليه الصلاة والسلام_ في نظام الزكاة، فكان يتم جمع الأموال وصرفها لمصارفها المستحقة، والمذكورة في القرآن الكريم، كما فرضت العشور في زمن عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_، حيث كان يأخذها من التجار الذين يمرّون بالطرق التجارية، وحرص رضي الله عنه على توزيع أموال الزكاة والصدقات، وتم تحقيق مضامين العدل والمساواة، التي تسعى إليها أغلب الأفراد والمجتمعات الإسلامية حتى يومنا هذا.

ظهر بعد ذلك التراخي عن جمع أموال الزكاة والصدقات، بسبب الفتن التي حصلت في زمن التابعين، نتيجة ما وقع من خلافات وحروب في ذلك الوقت، ورغم كثرة أموال الزكاة والصدقات، إلّا أنه أصبح أمر إدارة هذه الأموال وتوزيعها، يشكل عبئاً على الدولة الإسلامية، ولم يراعي الكثير من أصحاب الأموال الذين يخرجون زكاة أموالهم الالتزام بصرفها لمستحقيها، من المصارف الثمانية المحددة، وتم استخدام أموال الزكاة في أمور إدارة الدولة وولايتها.

الزكاة بعد الفتوحات الإسلامية:

كثرت محصلة أموال الزكاة بعد الفتوحات الإسلامية، وزاد الأثرياء من المسلمين، ودخول ثروات عديدة لبلاد المسلمين لم تكن منذ بداية ظهور الإسلام، وكان هذا الأمر بحاجة إلى العمل والجهد اللازمين لحسن إدارة هذه الأموال، واستغلالها بما ينفع المسلمين، وتنظيم أمور دفع الزكاة بالأوقات والمقادير اللازمة، وتحقيق ما حققه عمر بن الخطاب _رضي الله عنه_ في زمنه من عدل ومساواة.

الزكاة في يومنا هذا:

تعددت الاستثمارات في هذه الأيام، وأصبح بالإمكان تنمية الأموال في العديد من المجالات، مما يفرض على أصحاب الأموال النامية، دفع ما يترتب على هذه الأموال من زكاة، وحرصت بعض الدول الأسلامية على إيجاد جهات مختصة في جمع أموال الزكاة والصدقات، والحث على الالتزام بفريضة الزكاة.

ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد زادت الأنشطة التي تتبعها هذه الجهات والجمعيات الخيرية، المختصة في جمع أموال الزكاة، فيما يتعلق بإدارة أموال الزكاة والصدقات واستثمارها، واستغلالها بما ينفع الفقراء والمحتاجين بشكل خاص، والمجتمعات الإسلامية بشكل عام.


شارك المقالة: