الحديث يفصل عبادات الإسلام

اقرأ في هذا المقال


لقدْ كانَ للحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ دورٌ كبيرٌ في بيانِ ما جاءِ في القرآنِ الكَريمِ منْ العباداتِ الواجِبَةِ، ومن ذلِكَ أركانُ الإسْلامِ، وإذا نَظَرْنا في العباداتِ في القُرآنِ نَجِدُها جاءَتْ عامَّةً غيرَ موضَّحَةَ، وهنا يأتِي دورُ الحديثِ والسُّنَّةِ في تفصيلِ ذلِكَ.

مفهوم العبادات:

إنَّ العباداتِ بمُصْطَلَحِها الشَّرْعِيِّ تَدُلُّ على الأفعالِ والأعمالِ الّتِي يتَقَرُّب بِها الإنْسانُ المُسْلِمُ للهِ عزَّ وجلَّ، ومنها العباداتُ الواجِبَةُ المَفْروضَةِ كالصَّلاةِ والصِّيامِ والزَّكاةِ والحَجِّ، ومنْها مايكونُ منَ النَّوافِلِ غيرِ الواجِبَةِ على المُسْلِمِ كسُّنَنِ الصَّلَواتِ الخَمْسِ وقيامِ الليلِ وصيامِ التَّطوِّعِ وغيرِها، وقدْ كانَ للحديثِ دورٌ مُهِمٌ في تفصيلِ هذِه العباداتِ منْ بعدِ القُرآنِ، وهنا يَظْهَرُ دورُ الحديثِ في اتمامِ دورِ القُرآنِ وأنَّهُ لا يجوزُ الإكْتفاءِ بِهِ عنِ الحديثِ والسُّنَّةِ؛ لأنَّه لا يكتملَ التَّشريعُ والفقهُ إلا بوحيِ الحديثِ والسُّنَّةِ.

فضلُ الحديث والسنة في بيان العبادات:

لقدْ كانَ للحديث الفضلُ الكبير في بيانِ العباداتِ في الإسلامِ، ولولا الحديث والسًّنَّةِ لما كانتْ موضَّحَةً كما وضَّحها الحديث، وفي هذا ردٌ واضِحُ على منْ يريدونَ الإكْتِفاءَ بالقًرآنِ الكريمِ والتَّشْكيكِ بالحديثِ وسنَّةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ، وأنَّ وظيفَةَ رِسالَةِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمُ بيانِ ما أنْزِلَ منَ القًرْآنِ والوحْيِ الإلهيِّ.

من الأمثلةِعلى بيانِ الحديث للعبادات:

ومنَ الأمْثِلَةِ الَّتِي تبينً أهميَّةِ الحديثِ في بيانِ وتوضِيحِ العباداتِ؛ بيانِهِ وتفصِيلِهِ لأرْكانِ الإسلامِ وهيَ:

  1. الصَّلاة: لقدْ جاءَ الحديثُ والسُّنَّةُ النَّبويَّةِ في بيانِ الصَّلاةِ بكُلِّ أرْكانِها وسُنَنِها، وكانَ الرَّسولُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يبيِّنُ للصَّحابَةِ كيفِيَّةِ أدائِها بأدَقِّ تفاصِلها، ومنْ تفاصِيلِها الَّتِي بيَّنها فعلُ النَّبيِّ وقوْلِهِ وهو منَ الحديثِ النَّبويِّ: مواقيتُ الصَّلاةِ والقبْلَةِ وأركانِها وشُروطُ صِحَّتِها وما يقرأُ فيها وما يقالُ في السُّجودِ والرُّكوعِ وبيانُ التَّشَهُدِ والصَّلاةِ الإبْراهيمِيَّةِ وما يجوزُ فيها ومايبْطِلُها منَ الأفْعالِ والأقْوالِ والحَرَكاتِ وغيرِها، وتوضِيحِ وجوبِ الصَّلاةِ وأهميَّتُها، ومنْ ذلِكَ ما جاءَ في الحديثِ أنَّ رَجُلاُ جاءَ إلى رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ثائِرَ الرَّأسِ فقالَ: يارسُولَ اللهِ، أخْبِرْنِي مافرَضَ اللهُ علَيَّ منَ الصَّلاةِ فقالَ: (الصَّلواتُ الخَمْسِ، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ شَيئاً)، وقدْ بينَّ النَّبيُّ كيفِيَةَ أدائِها بقوْلِهِ عليْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ للصَّحابَةِ رُضْوانُ اللهِ عَلَيْهِمْ: (وصَلُّوا كما رأيْتُمونِي أُصَلِّي).
  2. الصِّيامُ: وفي حديثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ منَ الشَّواهِدِ على الصِّيامِ وما يتْعَلَّقُ فيهِ منَ الواجِباتِ والسُّنَنِ والمُبْطِلاتِ، فقدْ بيَّنَ الصِّيامَ باحْكامِهِ الَّتِي جاءَتْ عامَّةً في القُرْآنِ الكريمِ، ومنَ الشَّواهِدِ منَ الحديثِ ما جاءَ تَكْمِلَةَ الحديثِ في بيانِ الصَّلاةِ في سُؤالِ الأعْرابِيِّ عندما سأَلَهُ فقالَ: أخْبِرْنِي ماذا فَرَضَ اللهُ منَ الصِّيامِ. فقالَ: (شَهْرُ رَمَضانَ، إلَّا أنْ تَطَّوَّعَ شَيْئاً). وفي الحديثِ ما يبينُ مواقيتَ الصِّيامِ ومٌبْطِلاته وغيرِها الكثير.
  3. الزكاةُ: وقدْ بيَّنَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ في الحديثِ عنْ الزَّكاةِ بمقادِيرِها وأنْصِبلَتِها الكثيرٌ ومنْ ذلِكَ ما جاءَ في الحديثِ النَّبويِّ ما جاءَ في قولِهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ لِمعاذِ بنِ جَبَلٍ عنْدَما أرْسَلَهُ إلى اليَمَنِ فقالَ: ادْعُهُمْ إلى شَهادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللهُ وأنَّي رَسولُ اللهِ، فإنْ أطَاعوا لِذلِكَ فأعْلِمْهُمْ أنَّاللهَ قدِ افْتَرَضَ عليْهِمْ خَمْسَ صَلواتٍ في كُلِّ يوْمٍ وليْلَةٍ ، فإنْ أطَاعوالِذلِكَ فأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً في أمْوالِهمْ تُؤْخَذُ منْ أغْنِيائِهمْ وتُرَدُّ إلى فقَرائِهمْ). وفي الحديثِ مايبيِّن الإنْصِبَةَ والمَقادِيرَ ومنْ ذلِكَ أنْصِبَةُ زَكاةِ الفِطْرِ وهيَ منَ الزَّكاةِ ما جاءَ في حديثِ أبي سعيدٍ الخُدُرِيِّ أنَّهُ قالَ: (كُنَّا نُخْرِجُ في عَهْدِ رَسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَيومَ الفِطْرِ صاعاً منْ طَعامٍ).
  4. الحَجُّ: ومنْ عباداتِ الإسْلامِ المُبيَّنَةِ في الحديثِ والسًّنَّةِ الحَجُ وما يتَعَلَّقُ بأحْكامِهِ منَ المواقيتِ والإفعالِ والسُّنَنِ والمُبْطِلاتِ وغيرِها، ومنَ الشَّواهِدِ منَ الحديثَ على الحجِّ وفَضْلِهِما جاءَ في حديثِ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنْهُ قالَ: سُئِلَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ: أيُّ الإعْمالِ أفْضَلُ؟ قالَ: (إِيمانٌ باللهِ ورَسولِهِ). قيلَ: ثُمَّ ماذا؟ قالَ: (جِهادٌ في سبيلِ اللهِ). قيلَ ثُمَّ ماذا؟ قالَ: (حَجٌّ مَبْرورٌ).

شارك المقالة: