الحكم الشرعي

اقرأ في هذا المقال


معرفة الحكم الشرعي: هو الغاية من علم الفقه وأصوله، ولكنَّ علم الأصول ينظر إليه من جهة وضع القواعد والمناهج الموصلة إليه، وعلم الفقه ينظر إليه باعتباراستنباطه فعلاً، بتطبيق ما وضعه علم الأصول للتعرف عليه، والحكم عند الأصوليين هو: خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء، أو التخيير، أو الوضع، والمقصود بخطاب الله هو كلامه مباشرة وهو القرآن، أو بالواسطة وهو ما يرجع إلى كلامه من سنَّة، أو إجماع، وسائر الأدلة الشرعية التي نصبها الشارع لمعرفة حكمه.

الحكم الشرعي في السنة النبوية:

السنة : وهي ما يصدر عن الرسول على وجه التشريع، راجعة إلى كلامه لأنّها مبينة له، وهي وحي الله إليه، قال تعالى: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى) صدق الله العظيم – النجم 4:3 .

الحكم الشرعي في الإجماع:

لا بدَّ له من دليل من الكتاب والسنة، فكان راجعاً إلى كلام الله بهذا الاعتبار وهكذا سائر الأدلة الشرعية، كلها كاشفة لخطاب الله، ومظهرة للحكم الشرعي لا مثبنة له والمقصود بالاقتضاء: الطلب، سواء أكان طلب فعل أم تركه، وسواء أكان هذا الطلب بنوعيه على سبيل الإلزام، أم كان على سبيل الترجيح. والمراد بالتخيير التسوية بين فعل الشيء وتركه بدون ترجيح أحدهما على الآخر وإباحة كل منهما للمكلف.

الحكم الشرعي في الوضع:

والمراد بالوضع : جعل شيء سبباً لآخر، وشرطاً له، أو مانعة منه. فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) صدق الله العظيم، حكم شرعي خطاب الله تعالى تعلق بفعل من أفعال المكلفين، وهو الإيفاء بالعقود على جهة الطلب له، وقوله تعالى : (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) صدق الله العظيم، (الإسراء: ۳۲) حكم شرعي؛ لأنّه خطاب من الشارع، طلب به الكف عن فعل، وهو الزنى. وقوله تعالى: ﴿ وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا) صدق الله العظيم- (المائدة: ۲) حكم شرعي؛ لأنّه خطاب من الشارع بإباحة الاصطياد بعد التحلل من الإحرام.

الحكم الشرعي عند الأصوليين:

الأول: إنَّ خطاب الله تعالى المتعلق بغير أفعال المكلفين، لا يسمّى حكماً عند الأصوليين، مثل خطابه تعالى المتعلق بذاته وصفاته، كقوله تعالى : (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) صدق الله العظيم، وخطابه المتعلق بما خلقه من جمادات كقوله تعالى: (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ ۗ) صدق الله العظيم.

الثاني: خطابه المتعلق بأفعال المكلفين، ولكن ليس على سبيل الطلب والتخيير والوضع، كما في القصص القرآنية كقوله تعالى: (الم ۝ غُلِبَتِ الرُّومُ ۝ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ) صدق الله العظيم- (الروم:1-4) كما في إخباره عن خلقه للمخلوقات، مثل قوله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) صدق الله العظيم- [الصافات: 96]. إنّ الحكم عند الأصوليين هو نفس خطاب الله، أي: نفس النصوص الشرعية، أمّا عند الفقهاء، فالحكم: هو أثر هذا الخطاب، أي: ما يتضمنه هذا الخطاب، فقوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ ) صدق الله العظيم، وهو الحكم عند الأصوليين، أمّا عند الفقهاء: فهو أثر هذا الخطاب أينما تَضمنَهُ هذا النص الشرعي، وهو حرمة الزنى.

أمثلة من الحكم الشرعي:

وقوله تعالى : (فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) صدق الله العظيم -[الجمعة: ۱۰] حكم شرعي؛ لأنّه خطاب من الشارع بإباحة الانتشار في الأرض بعد الفراغ من الصلاة. وقوله تعالى : (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ) صدق الله العظيم – (آل عمران: ۹۷) حكم شرعي؛ لأنّه خطاب من الشارع بوجوب الحج على المكلفين. وقوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) صدق الله العظيم – (الإسراء: ۷۸) حكم شرعي؛ لأنّه خطاب من الشارع بجعل دلوك الشمس سبب لوجوب الصلاة قول النبي: (رفع القلم عن ثلاثة) عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، خطاب من الشارع بجعل النوم والصغر والجنون أمور مانعة من التكليف.


شارك المقالة: