المبهم في الحديث

اقرأ في هذا المقال


لقد قام العلماء في مجال الحديث الشريف بجهود كبيرة في البحث عن الحديث وفق منهجية تقوم على إثبات صحَّة ما ينقل في السند والمتن، حتى وصلوا إلى البحث في أسماء الرواة وأحوالهم والتثبت منهم، فظهر في دراساتهم ما يسمّى علم أسماء الرجال في الحديث سنداً ومتناً، ومن علوم أسماء الرواية ماسميَّ بالمُبْهم، فماهو المُبْهم وماهي أقسامة وماهي حجيّته؟.

مفهوم المبهم

إنّ المُبهم لغة: من ما يجهل ولا يعرف.

وفي اصطلاح المحدّثين: مجهول يورد في الحديث غير معروف عند من يتناول الحديث النّبويّ الشريف، سواء كان هذا المجهول في السَّند والمتن، ومن دلالات المبهم في الحديث ما يرد من ألفاظ مثل: رجل، امرأة، ابن فلان، فلانة، فلان، زوجة، زوج فلان وغيرها من دلالات ومبهمات تدل على الراوي المجهول.

أقسام المبهم

إنّ المُبْهم في علم الحديث ينقسم إلى قسمين:
1ــ مُبْهم يكون في السند: وهو أن يكون الاسم المجهول في سلسلة الرواة الراوين للحديث، كأن يروي الراوي فيقول الراوي بالحديث: سمعت عن فلان، حدثني رجل، وغير ذلك ممّا يكون مبهماً في سلسلة الرواة الراوين للحديث.

2ـ مُبْهم يكون في متن الحديث: وهو أن يكون في متن الحديث مُبْهم دخل به، كأن يقول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: ياغلام، يا معشر النساء ، وفي هذا توسُّع في قبول الحديث وردِّه ، فإذا خاطب النّبي صلّى الله عليه وسلّم لابن عبّاس راوي الحديث يا غلام ، فلفظة غلام في الحديث مبهمة لكن عندما عُرِف المخاطب وهو الراوي سقط الإبهام في المتن بمعرفة الراوي، وأحيانا يزول الإبهام في عدم أهمية المبهم المذكور في المتن أو أن يكون الخطاب عام لا يحتاج إلى توضيح المبهم كخطاب النّبي صلّى الله عليه وسلّم:(إمّا إنّه ليس منكنَّ امرأة تحلّى ذهباً تظهره إلّا عُذّبت به).

حجيّة المبهم في الحديث

لقد كان للمبهم في الحديث كلام عند المحدّثين وعلماء الحديث في حجيّته، فقالوا إنَّ الإبهام في السَّند يضعف الحديث حتى يكشف ذلك المبهم المجهول، ولا يوخذ حديث من مبهم، لما في ذلك من مخالفة للتأكُّد من صحّة الخبر الّذي أمرنا به ديننا بالتثبت قبل النشرولما للحديث النّبويّ الشريف من أهمية تشريعية وجب التثبت منه بعد القرآن، أمّا ما كان مبهماً في متن الحديث فهو لايضعف الحديث النّبويّ الشريف إلّا بعد الرُّجوع والتأكُّد من سلامة السَّند وهو سلسلة الرواة.

مصنّفات في المبهم

لقد تناول العلماء موضوع الإبهام في كتبهم وتكلموا به ومنهم: ابن حجر العسقلاني في توضيح ما أبهم في الجامع الصحيح، ومنهم أيضاً الخطيب البغدادي وغيرهم من علماء الحديث.

ولعل من أشهر ما عرف في مبهم الحديث كتاب (المستفاد من مبهمات السند والمتن) للحافظ العراقي رحمه الله.


شارك المقالة: