كان في دراسات علماء الحديث عوارض ظهرت في زمن النقل والتدوين، وكان لابدَّ من دراسة الحديث ليكون صحيح النّقل بوصف الحديث المصدر التشريعي بعد القرآن الكريم، ولا بدَّ من أن ينقل صحيحاً لشرفة ومكانة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، لذلك درسوا جزيئات السند والمتن، ووصلوا بالتحليل والنقد إلى كشف العلل في الحديث حتى لو كان ظاهره يوهم السامع للحديث بأنّه صحيح، حتى جعلوا للعلل دراسات وبحوث ومصنّفات، ومن علوم الحديث في هذا المجال الحديث المعلل، فما هو الحديث المعلل؟ وماهي أقسامه؟ وماهي حجيّته؟.
مفهوم المعلّل
إنّ مفهوم المعلّل في الحديث لغة من العلَّة وهو العيب.
وفي الاصطلاح نجد العلّة بأنّها العيب الّذي يوجد في الحديث، فيبتعد به عن القبول والصحَّة، ويدرس ما فيه حتى يوضع في ميزان القبول والرَّد، والحديث المعلّل أو المعلول هو الحديث الذي كشف العلماء فيه عن علّة مع ما يظهر في ظاهرة من السَّلامة والأمان.
أقسام الحديث المعلّل
إنّ الحديث المعلّل من حيث ما سبق من تعريف له ينقسم إلى أقسام ثلاثة من حيث مكان العيب والعلَّه وهي:
1ـ معلٌّ في السند: وهو إمّا أن يظهر فيه الإضطراب وهو ما أختلف الحديث بمروياته بصفة يصعب الجمع بينهما، وإمّا أن يكون الحديث من راوِ واحد، أو أن يحدث فيه إنقطاع بالسند غير مكشوف بطبقة من طبقات الحديث النّبويّ الشريف، وقد تكون هذه العلَّة والعيب في السَّند غير مغيّرة ولا قادحة لما جاء بالنقل والمتن.
2ـ معلٌّ في المتن: وهوأن يظهر لفظ في المتن غير مناسب أو أن يأتي زيادة في المتن معلولة، وقد روي هذا الحديث بالطريق نفسة عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم من قبل صحابيّ أو تابعي بغير هذه الزيادة التي طرأت في الحديث.
3ـ معلُّ في السند والمتن معاً: وهذا القسم في أن يحدث تغيير معلٌّ للحديث بأن ينسب الحديث إلى غير رواته بلفظ قد يكون فيه زيادة أو نقصان توهُّم بالصّحة ولكنّ باطنها التغيير لما وُجِدَ في الحديث من أحكام.
معرفة العلّة في الحديث
إنَّ معرفة علل الحديث يرجع للعلماء المتخصِّصين في مجال البحث في الحديث، وهذا العلم يحتاج إلى الكفاءة والبحث الدقيق في جمع ما روي في ذلك الحديث الذي وجد فيه علّة، وتتم المقارنة والموازنة بينها، كما يحتاج إلى جمع أسانيد الأحاديث المعلّلة ودراسة رجالها، وكما كان رجال الحديث الكبار من الحفاظ يميزون الحديث المعلّل لممارستهم وذكائهم عندما يعرض عليهم.