الندبُ: الدعاءُ إلى أشياء ذات أهمية، والمندوب : المدعو لهُ، وفي الاصطلاح: هو ما أمر الله فعله بغير إلزام، حيث يأخذ الأجر على فعله، وقد يلحقه اللوم والعتاب من أجل ترك بعض أنواع المندوب، ويدل على كون الفعل مندوباً دلالة الطلب، إذا اقترن بها ما يدل على إرادة الندب لا الإلزام، سواء كانت هذه القرينة نصاً أو غيره.
فقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) صدق الله العظيم، لا يدل هذا الطلب على الحتم والإلزام، بقرينة ما ورد في سياق الآية وهو قوله تعالى: (فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُم بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ) صدق الله العظيم، فهذا النص يدل على أنَّ طلب كتابة الدين؛ إنّما يراد به الندب لا اللزوم، فهو من قبيل الإرشاد للعباد لما يحفظون به حقوقهم من الضياع، فإذا لم يأخذوا بهذا الإرشاد تحملوا هم نتيجة إهمالهم، وقوله تعالى: (فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا) صدق الله العظيم، لا يدل على وجوب المكاتبة، بقرينة القاعدة الشرعية: إنَّ المالك حرفي التصرف في ملكه، وقوله عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج) لا يدل على وجوب النكاح على كل مكلف، بقرينة ما عرف بالتواتر عن النبي: أنّه لم يلزم كل مكلف بالنكاح، ولو مع قدرته عليه .
أنواع المندوب:
أعلاها : ما واظبَ عليه النبي محمد، ولم يتوقف عن فعله إلّا نادراً، ومنه: صلاة ركعتين قبل الفجر، فهذه تسمّى: سنة ثابتة و مؤكدة،ومن لم يفعلها يأتيه اللّوم ولا يعاقب، ومنها أيضاً: النكاح في حالة الاعتدال بالنسبة للقادرعليه، والأذان فهو من شعائر الإسلام المتعلقة بمصلحة دينية عامَّة، فلا يجوز التهاون به، ولهاذا إذا تواطأ أهل قرية على تركه حملوا عليه قسراً.
ویلي هذه المرتبة، ما يسمَّى: بالسّنة غير المؤكدة، وهي التي لم يداوم عليها النبي ﷺ، كصلاة أربع ركعات قبل وقت الظهر، وكصدقة التطوع بالنسبة للقادر عليها، إذا لم يكن من يتصدق عليه في حالة الاضطرار والحاجة الشديدة.
وتلي هذه المرتبة من المندوب، ما يسمَّى بالفضيلة والأدب وسنة الزوائد، كالاقتداء بالنبي ﷺ في شؤونه الاعتيادية التي صدرت منه بصفته إنساناً، كآداب الأكلِ والشربِ والنوم، فالاقتداء به عليه الصلاة والسلام في هذه الأمور مستحب، ويدل على تعلق المقتدي به (عليه الصلاة والسلام – ولكن تاركها يستحق لوماً، ولا عتاباً لأنَّها ليست من أمور الدين، ولم تجر مجرى العبادات، ولكن مجرى العادات.
صفات المندوب:
- الأول: إنّ المندوبَ بشكل عام يعتبر مُعرفاً للواجب، ويذكر به ويسهّل على الانسان فعله، لأنّ النفس بفعل المندوبات ودوامها عليها، يسهُل للإنسان فعل الواجبات واستمراره فيها، وعلى هذا يقول الإمام الشاطبي: (المندوب إذا اعتبرته اعتباراً أعم وجدته خادماً للواجب لأنَّه إمّا مقدمة له، أو تذكار به سواءً أكان من جنسه واجب أم لا).
- الثاني: إنَّ المندوب وإن كان غير لازم باعتبار جزئه، إلّا أنّه لازم باعتبار الكل، إنَه لا يصح للمكلف أن يترك المندوبات جملةً واحدة، فهذا قادح في عدالته، ويستحق عليه التأديب والزجر، ولهذا هم النبي ﷺ أن يحرق بيوت المداومين على ترك الصلاة جماعةً؛ فالأذانُ وصلاة الجماعة وصدقة التطوع وسنة الفجر، كلها مندوبة من حيث الجزء، لازمة من حيث الكل، فلا يصح تركها جملة، ومنه أيضاً : النكاح، فلا يصح ترکه من قبل الأمّة كلها، لأنّ في هذا الترك فناءها ، فهو مندوب من حيث الجزء، أي: بالنسبة للآحاد، واجب بالنسبة للجماعة، فهو كأنَّه فرض كفاية، فترك المندوبات كلها مؤثر في أوضاع الدين ، إذا كان الترك دائماً، أمّا إذا كان في بعض الأوقات فلا تأثير له.
أسماء للمندوب:
- السنة.
- النافلة.
- المستحب.
- التطوع.
- الإحسان.