النبوة منحة إلهية وليست شهوة ورغبات

اقرأ في هذا المقال


يتسائل الكثير عن نبوة الأنبياء، فهل كان ذلك باختيارهم، وبناءً على رغباتهم وطلباتهم أم أنّ نبوتهم كانت باختيار الله تعالى، وإرادته وحكمه؟ هذا ما سيكون موضوع  مقالنا إن شاء الله تعالى.

حقيقة نبوة الأنبياء

لم تكن النبوة تبعاً لرغبة البشر وشهواتهم، ولم يصل إليها البشر بجهودهم وطاقاتهم، وإنما هي منحة من الله عز وجل. فالرسل والأنبياء هم رجال من البشر، اختارهم الله سبحانه وتعالى، لتبليغ الرسالات والشرائع السماوية، التي خُلق الإنسان من أجل التزامها واتباعها في الدنيا.

ولم تكن النبوة كما زعم بعض الفلاسفة والكتاب، حيث قالوا بأن النبوة تأتي للإنسان باجتهاده وعمله، وما يُقدمه من أعمال وإنجازات في حياته، ويقول البعض بأن النبوة هي تكليف النبي لنفسه أنواع عدة من العبادات، وتجاوز أصعب وأشد الطاعات، التي يدأب بها في تطهير النفوس، وتسوية الأخلاق، ورشاقة النفس والجسد.

ويكون اختيار الأنبياء بعلم الله تعالى، فقد ذُكر أنّ بعض الناس كانوا يقومون بالدعاء لله تعالى، وبعض العبادات، معتقدين أنّ الله تعالى سيختارهم بناءً على ما سيقدمونه من عبادات وأعمال في حياتهم، لكن هذا الأمر كله يعود لإرادة الله تعالى وحكمه.

أدلة تثبت أن النبوة منحة إلهية

وبيّن لنا أنّ النبوة هي واحدة من النعم الإلهية، كما ذكر سبحانه وتعالى ذلك في قوله: “أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا” سورة مريم 58.

كما أثبت الله تعالى على أنّ النبوة هي منحة من الله، في سورة يوسف عن حديث يعقوب مع ابنه يوسف _عليه السلام_، فقال تعالى: وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ”سورة يوسف 6.

كما كلم الله تعالى نبيه موسى _عليه السلام_ ليُخبره بنبوّته، قال تعالى: قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُن مِّنَ الشَّاكِرِينَ”سورة الأعراف 144، وهذا أيضاً دليل على أنّ النبوة هي منحة بإرادة الله تعالى لمن يختاره من البشر.

وقد أنكر المشركون النبوة على النبي محمد _صلى الله عليه وسلم_، وأشاروا إلى أن يمنحها الله تعالى، لواحد من عظماء مكة، واقترحوا بمنحها لعروة بن مسعود، أو للوليد بن المغيرة، كونهما من عظماء الرجال في مكة، فاستنكر الله جل وعلا عليهم ما أشاروا به، وحكمهم على قدر الله تعالى وإرادته في منح النبوة، فردّ الله تعالى عليهم بقوله: “وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِّنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ* أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا” سورة الزخرف 31-32.


شارك المقالة: