توبة المسلم القاذف

اقرأ في هذا المقال


توبة القاذف:

إنّ حدّ توبة القاذف هو أن يُكذّب القاذف نفسهُ حتى إذا كان هو صادقاً ويروي في الباطن، ويقال إنه يكذبها إن كان كاذباً، ويُخطئها في الملأ إذا كان صادقاً.

كيفية توبة المسلم القاذف:

اختلف العلماء في توبة القاذف على قولين وهما:

القول الأول: أن توبته لا تكون إلّا بأن يكذّب نفسه في ذلك القذف الذي حدّ فيه وهذا كان قول جماعة من السلف ومنهم عمر رضي الله عنه وبه قال الشافعي وأحمد.
القول الثاني: إنّ في توبته أن يُصلح ويُحسن من حالهِ وحسبه الاستغفار، وإن لا يكذب نفسه في ذلك. وهذا كان قول جماعة ومنهم مالك رحمه الله وقد فسر ابن القيم رحمه الله في ذلك، من القولين واختار القول الأول ودلّ عليه، الصحيح من القولين: أن توبة القاذف؛ اكذابُ نفسه، لأنهُ عكسُ الذنب الذي ارتكبه وهتك عرض المسلم المحصن، فلا تحصل التوبة منه إلا بتكذيب نفسه، لينفي عن المقذوف العار الذي ألحقه به بالقذف وهو مقصود التوبة.

وأما من قال: أن توبة القاذف هي أن يقول أستغفر الله من القذف، ويقرُّ بأنه حرام، فهذا قولٌ ضعيف؛ وذلك لأن هذا لا مصلحة فيه للمقذوف، ولا يحصل له براءة عرضه ممّا قذفه به، فلا يحصل به مقصود التوبة من هذا الذنب، فإن فيه حقان وهما كما يلي:

1- حق الله: ويأتي حقُ الله تعالى بتحريم القذف، فتكون التوبةُ من القذف بالاستغفار، واعترافه بتحريم القذف وندمهُ عليه وعزمهُ على أن لا يعود إلا هذا الأمر مرةً أخرى.
2- حق العبد: وهو إلحاق العار به بتوبته منه: ويكون ذلك بتكذيب نفسه، فالتوبةُ من هذا الذنب بمجموع هذين الأمرين وهذا القول المختار لدى ابن القيم رحمه الله تعالى واضح الدليل قوى التعليل، وقد اشتمل على القول الثاني: فإن القذف فيه حقان:حق الله تعالى وحق لعبده ولا يحصل التخلص منهُ إلا بالاستغفار والندم والعزم على التوبة بأن لا يعود، وأن يكذّب نفسه فيكون بهذا قد تاب بأداء الحقين حق الله تعالى وحق عبده.

ما هو الاعتراض والجواب في توبة المسلم القاذف؟

لقد أورد ابن القيم اعتراضاً على القول المختار، وهو أن القاذف كان صادقاً في قذفه لمعاينته الزنا فكيف يسوغ له أن يكذّب نفسه ويكون ذلك من تمام توبته، فقال في الإيراد والجواب ” فإذا قيل: إذا كان صادقاً قد عاين الزنى، فأُخبر به، فكيف يسوغ له تكذيب نفسه وقذفها بالكذب، فإن ذلك يكون في تمام توبته “.
ولقد قيل أن الأمر الذي في اختلافٌ هو الذي قال صاحبُ هذا القول من أجله: بأن توبة القاذف، هي الاعتراف بتحريم القذف والاستغفار، وعدم العودة إلى ذنب القذف، وهو موضع يحتاج فيه إلى بيان الكذب الذي حكم الله به على القاذف، وأخبره بأنه كاذبٌ عنده ولو كان خبرهُ مطابقاً للواقع. فنقول إن الكذب فيه قولين وهما:

1 – الخبر الغير مطابق لمخبرهِ وهو نوعان: الكذب العمد، والكذب الخطأ.
2 – أما الآخر هو الخبر الذي لا يجوز الإخبار به، وإن كان خبره مطابقاً لمخبرهِ.


شارك المقالة: