حديث الجليس الصالح والجليس السوء

اقرأ في هذا المقال


لقدْ جاءت الشَّرائع السَّماويّةُ تحثُّ على مصاحبَةِ الصالحِ منَ الأصْحابِ لما ينعكسُ على الشَّخصِ منْ آثارِ أفعالِهمِ وأقوالِهمْ في سيرَتِهِ معَ اللهِ ومعِ النَّاسِ، وسنعرضُ حديثاً في الفرقِ بينِ الجليسِ والصَّاحبِ الصَّالحِ والسّيءِ.

الحديث:

يرْوي الإمامُ البُخاريُّ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا مُحمَّدُ بنُ العلاءِ، حدَّثَنا أبو أسامَةَ، عنْ بُرَيْدٍ، عنْ أبي موسَى رضيَ اللهُ عنْهُ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: (مثلُ جليسِ الصَّالِحِ والسُّوءِ، كحاملِ المسكِ ونافِخ الكيرِ،فحاملُ المسكِ؛ إمَّا أنْ يُحْذِيَكَ، وإمَّا أنْ تبتاعَ منْهُ، وإمَّا أنْ تَجِدَ منْهُ ريحاً طيبةً، ونافِخُ الكيرِ؛ إمَّا أنْ يُحْرِقَ ثيابكَ، وإمَّا أنْ تَجِدَ منْهُ ريحاً خبيثَةً). رقمُ الحديث: 5534)).

ترجمة رجال الحديث:

الحديث يرْويهِ الإمامُ مُحمَّدُ بنُ إسْماعيلَ البُخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الذّبائحِ والصَّيْدِ، بابُ المسكِ، ويبدأُ سندُ الحديثِ منْ طبقةِ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ منْ طريقِ مُحمَّدِ بنِ العلاءِ الهمدانيِّ أبي كُريبٍ، ويرْويهِ أبو كريبٍ عنْ أبي أسامَةَ وهو حمَّادِ بنِ أسامَةَ القُرَشيِّ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، ويرْويهِ أبو أسامَةَ عنْ بريدٍ وهو: بريدِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي بُرْدَةَ الأشْعريِّ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، ويرْويهِ بُريدٌ عنْ جدِّهِ أبي برْدَةَ بنِ أبي موسى الأشْعريِّ منْ كبارِ التَّابعينَ، ليَصِلَ سنَدُ الحديثِ إلى أبي موسى الأشعريِّ عبدِ اللهِ بنِ قيسٍ منْ كبارِ أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المكثرينَ للحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.

دلالة الحديث:

يشيرُ الحديثُ إلى الفرقِ بينَ المُجالَسِ الصَّالِحِ والمُجالَسِ السيءِ، ويُقرِّبُ الحديثُ المّعْنَى منَ الحديثِ بأُسْلوبِ ضرٍبٍِ الأمْثالِ الَّتي منْ شأنِها تقريبُ المعنَى، وضربَ النَّبيُّ صلَّى اللهِ عليهِ وسلَّمَ مثلُ المُجالَسِ الصَّالِحِ الَّذي يجلسُ المرءُ ويُصاحِبَهُ كمثلِ حاملِ وبائعِ العطرِ الّذي يكونُ عنْدَهُ مسكٌ، وحاملُ المسكِ إشارَةً إلى صلاحِ العملِ للمُجالَسِ، والمُجالَسِ عندَما يكونُ طيِّبُ الرائحةِ، فإنَّ منْ يجلِسُ معَهُ يرْبَحُ إمَّا بأنْ يهدِيَهُ شيئاً منَ العطرِ أو أنْ يلمَسَ منْهُ رائحَةً زكيَّةً، ثمَّ ضربَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مثلاُ لصاحبِ السوءِ كنافخِ الكيرِ ونافخُ الكيرِ هو الذي ينفخُ النَّارَ في عملِ الحِدادَةِ، وهذا المكانُ معروفُ برائحتِهِ الكريهَةِ، وهذا تمثيلٌ بليغُ لنتيجَةِ مجالَسَةِ منْ كانَ سيئاً في أفعالِهِ وأقوالِهِ، وتكونُ نتيجَةَ مُجالَستِهِ حملُ معاصِيهِ وآثامِهِ، كمن جالسَ صاحبُ الكيرِ الّذي إمَّا أنْ يحرقَ ثيابَ منْ يُجالِسَهُ نتيجَةَ نفخِهِ للنَّارِ، أوْ أنْ يُشَمَّ منْه الرَّائحَةِ الكريهَةِ.

ما يرشد إليهِ الحديث:

منَ الدُّروسِ والعبرِ المُستفادَةِ منَ الحديثِ:

  • ضرورَةُ مجالَسَةِ الصَّالحينَ حتَّى تأخُذَ منْ خيرِهم.
  • الابتعادُ عنْ مجالسَةِ الأشرارِ كي لا نأخُذَ منْ آثامِهمْ ومعاصِيهم.
  • الصالحُ منَ الأعمالِ كالمسكِ والعطرِ، والسيءُ منَ الأقوالِ والأفعالِ كالنَّتنِ منَ الرَّوائحِ.
  • جوازُ بيعِ المسكِ والعطرِ.

المصدر: صحيح البخاري للإمام البخاريفتح الباري في شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلانيصحيح مسلم للإمام مسلم كتاب البر والصلةالمنهاج في شرح صحيح مسلم للإمام النووي


شارك المقالة: