حديث عن الأخوة في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


إنَّ الإسلامَ بُكلِّ شرائِعِهِ وقوانِينِهِ حَثَّ على الأُخُوَّةِ والتَّآخي، وجَعلَ الإسْلامِ مِنْها مبْدَأً لتَقارُبِ المُسْلِمينَ الَّذينَ همْ أساس المُجْتَمِعِ الإسْلامِيِّ، ولو تَصَفَّحْنا كُتُبَ السِّيرَةِ لوَجَدْنَا أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ حرِصَ على نشرِ الأخُوَّةِ عنَدَما هاجَرَ إلى المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ لِعِلْمِهِ أنَّ المُجْتَمَعَ لا يمْكِنُ لَهُ التَّقَدُّمُ والنَّجاحُ دونَ أنْ يَكونَ جسَداً واحِداً بِهذِهِ الأخُوَّةِ، وسَنَخْتارُ في هذِه السُّطورِ حديثاً منَ الشَّواهِدِ على التَّأكيدِ على مبْدَأ الأخوةِ في الإسْلامِ.

الحديث:

يرْوِي الإمامُ مُسْلِمُ في صَحِيحِه: ((حدَّثَنا عبدُ اللهِ بنُ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ، حدَّثَنا داؤد ـ يعْنِي ابنَ قَيْسٍ ـ عنْ أبي سَعيدٍ موْلَى عامِرِ بنِ كُرَيْزٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ، قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ: (لا تَحاسَدُوا، ولا تناجَشوا، ولا تَباغَضوا، ولا تَدابَروا، ولا يَبِعْ بَعْضُكُمْ على بيْعِ بَعْضٍ، وكونوا عِبادَ اللهِ إخْواناً، المُسْلِمُ أخو المُسْلِمُ: لا يَظْلِمُهُ ولا يَكْذِبُهُ، ولا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هاهُنا ـ ويُشِيرُ إلى صَدْرِهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ ـ بِحَسْبِ امْرِئٍ منَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلى المُسْلِمِ حَرامٌ: دَمُهُ ومالُهُ وَعِرْضُهُ). رقمُ الحديثِ:2564)).

سند الحديث:

هذا الحديثُ يرْوِيهِ الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ النَّيْسابورِيُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ البِرِّ والصِلَةِ، ويبْدَاُ سَنَدُ الحَديثِ بِعبدِ اللهِ بنِ مَسْلَمَةَ بنِ قَعْنَبٍ وهُوَ المٌحَدِّثُ المُعْروفُ بالإمامِ القَعْنَبِيِّ، منْ تَبَعِ أتْباعِ التَّابعينَ،عنْ داوودَ بنِ قَيْسٍ الدَّبَّاغِ، عنْ أبي سَعيدٍ مولَى عبدِ اللهِ بنِ عامِرٍ، عنْ أبي هُرَيْرَةَ وهُوَ عبدُ الرَّحْمنِ بنِ صَخْرٍ الدُّوسِيِّ منْ كبارِ الرُّواةِ منَ الصَّحابَةِ المُكْثِرينَ في الحديثِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ.

دلالة الحديث:

يُشيرُ الحديثُ إلى عِدَّةٍ منَ الواجِباتِ الَّتِي تَجِبُ علَى المُسْلِمينَ، والَّتِي منْ شَأْنِها أنْ تنْشُرَ الأُلْفَةَ بينَ النَّاسِ ومنْها:

  • عدم التَّحاسُدِ: والحَسَدُ أنْ يَتَمَنَّى المَرْءُ ماعنْدَ غَيْرِهِ منَ النِّعْمَةِ معْ زَوالِها منْهُ.
  • عدم التَّنَاجُشِ: والنَجَشُ هوَ الخِداعُ والغَدْرُ الَّذي يَنْشُرُ العَداوَةَ بينَ النَّاسِ.
  • عدَمُ التَّباغُضِ: والتَّباغُضُ هوَ الكَراهِيَةُ بينَ النَّاسِ ونَشْرِها.
  • عدَمُ الخِذْلانِ، ويُقْصَدُ بالخِذْلانِ أنْ يخْذِلَهُ بالنُّصْرَةِ إذا احْتاجَ إليْها أخوهُ المُسْلِمُ في نِطاقِ الحَقِّ.
  • عدمُ البيْعِ على بيعِ الآخَرينَ وذلِكَ بأنْ يزيدَ في ثَمَنِ البيعِ والشِّراءِ فَيُبْطِلُ عقْدَ أخيهِ في الشِّراءِ والبَيْعِ.
    كما يُشيرُ الحديث إلى أنَّ أُخُوَّةَ الإسْلامِ تَقومُ عَلَى عِدَّةِ أمورٍ منْها:
  • عدمُ الظًلمِ بأنْ لا يَظْلِمَ المُسْلِمُ أخاهُ المُسْلِمَ.
  • عدَمُ الإخبارِ بغَيْرِ الحَقيقَةِ والتَّثَبُّتِ منْ الخبرِ قبْلَ نَشْرِهِ.
  • عدمُ تَحْقيرِ المُسْلِمِ لأخيهِ، وذلِكِ بأنْ يَتَكَبَّرَ المُسْلِمُ على أخيهِ وأنْ يُصَغِّرُ منْ قَدْرِهِ.
    ومنَ الأُمورِ الَّذي اخْتَتَمَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسَلَّمَ بِها الحديثُ: تأْكيدُ حُرْمَة المُسْلِمِ بِدَمِهِ ومالِهِ وعِرْضِهِ، وذلِكَ بأنَّ المُسْلَمَ لا يَجوزُ لَهُ هذِهُ المُحَرَّماتِ وهي قَتْلُ المُسْلِمِ لأخِيهِ وسَلْبُ مالِهِ والتَّعَدِّي على أعْراضِ المُسْلِمينَ.

ما يرشد إليه الحديث:

منَ الدُّروسِ والعِبَرِ المُسْتَفادَةِ منَ الحديث ما يلِي:

  1. غرْسُ الإخُوَّةِ والتَّالُفِ بينِ المُسْلِمينَ وبينَ أفْرادِ المُجْتَمَعِ لإنْتاجِ مُجْتَمَعٍ مُتَآخٍ مُتَحابٍّ.
  2. نبْذُ كُلِّ عَمَلٍ منْ شأنِهِ أنْ يَنْشُرَ البغْضاءَ والحِقْدَ بينَ النَّاسِ.
  3. تَحْريمُ دمِ المُسْلِمِ ومالِهِ وعِرْضِهِ منْ الإنْتِهاكِ والإعْتِداءِ علَيْها.
  4. الإسْلامُ دينُ سَلامٍ ومَحَبَّةٍ وإخاءٍ.

شارك المقالة: