لقدَ كانَ لرسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ مكنَ الإحكامِ في اللّباسِ ما علّمها للصّحابةِ الكرامِ، وقدْ كانَ رضوانُ اللهِ عليهمْ يلازمونهُ ويتعلّمونَ منهُ ويقتدونَ بلباسهِ وبسيرته عليه الصّلاةُ والسّلام، ومنْ أحكامِ لباسهِ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنْ ينتعلَ حذائه مبتدئاً باليمينِ وينزعهُ مبتدئاً بالشّمال، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ، عنْ مالكٍ، عنْ أبي الزّنادِ، عنِ الأعرجِ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “إذا انتعلَ أحدُكمْ فليبدأ باليمينِ، وإذا نزعَ فليبدأ بالشّمالِ، ليكُنْ اليمنى أوّلُهما تُنعلُ وآخرهما تنزعُ”)). رقمُ الحديث: 5855.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيح في كتابِ اللّباسِ، باب: (ينزعُ نعلَ اليسرى)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، أمّا ترجمةُ رواةِ الحديثِ البقيّةِ:
- عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ القَعْنبيّ (ت: 220هـ)، وهوَ منْ كبارِ محدّثي تبعِ أتباعِ التّابعينَ، ثقةٌ في الحديثِ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ الحميريُّ (93ـ179هـ)، إمامُ دارِ الهجرةِ وصاحبُ المذهبِ الفقهيِّ المالكيِّ، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباعِ التّابعين.
- أبو الزّنادِ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ ولقبهُ أبو الزّنادِ، عبدُ الله بنُ ذكوانَ القرشيُّ (64ـ130هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعرجِ: وهوَ أبو داوودَ، عبدُ الرّحمنِ بنُ هرمزَ بنِ كيسانَ الأعرجُ (ت: 117هـ)، وهوَ منْ كبارِ التّابعينَ الثّقاتِ في الحديثِ ومنْ أكثرهمْ روايةً عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حكمٍ منْ أحكامِ اللّباسِ، وهوَ سنّةُ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في الحديثِ حكمَ انتعال الحذاءِ ونزعه، وهوَ أنْ يبدأ بالانتعال باليمينِ وينتهي بالشّمالِ، ثمَّ إذا أرادَ انتزاعه يبدأ بالشّمالِ وينتهي باليمينِ، وفي هذا سنّةٌ بالتّيمّنِ في كلِّ شيءٍ كما كانَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يفعلُ، وحكمةُ النّزعِ هوَ مخالةً لما جاءَ البدءُ بهِ بالانتعال، وكذلكَ البدءُ بكلِّ شيءٍ باليمينِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستفادةِ منَ الحديث:
- سنّةُ التّيمّنِ في كلِّ شيءٍ كما كانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ يفعلُ ذلكَ.
- المسلمُ ينتعلُ مبتدئاً باليمينِ ومنهياً بالشّمالِ، وينتزعُ بالشّمالِ منتهياً ياليمينِ.