لقدْ جاءَ في حديث نبيّنا محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّمَ منَ الأخبار ما أخبر به عليه الصّلاة والسّلام بعلامات السّاعة، فمنها ما ظهر ومنها مالمْ يظهر، وقدْ ورد في صحيح مسلمٍ أنّهُ أخبر بعشر علاماتٍ قبيل قيام السّاعة، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو خيثمةَ زهيرُ بنُ حربٍ، وإسحاقُ بنُ إبراهيمَ، وابنُ أبي عمرَ المكّيُّ ـ واللّفظُ لزهيرٍ ـ قال إسحاقُ: أخبرنا، وقالَ الآخرانِ: حدّثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عنْ فراتٍ القزّازِ، عنْ أبي الطّفيلِ، عنْ حذيفةُ بنُ أسيدٍ الغِفاريُّ، قالَ: اطّلعَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ علينا ونحنُ نتذاكرُ، فقال: “ما تذاكرونَ؟” قالوا: نذكرُ السّاعةَ. قال: “إنّها لنْ تقومَ حتّى ترونَ قبلها عشر آياتٍ” فذكرَ الدّخانَ، والدّجّالَ، والدّابةَ، وطلوعَ الشّمسِ منْ مغربها، ونزولَ عيسى بنَ مريمَ صلّى الله عليه وسلّمَ، ويأجوجَ ومأجوجَ، وثلاثةَ خسوفٍ: خسفُ بالمشرقِ، وخسفٌ بالمغربِ، وخسفٌ بجزيرة العرب. وآخرُ ذلكَ نارٌ تخرجُ منَ اليمنِ تطردُ النّاسَ إلى محشرهمْ.)). رقمُ الحديث: 39/2901.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتاب الفتنِ وأشراط السّاعة، بابُ: (في الآيات الّتي تكونُ قبل السّاعة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ حذيفة بنِ أسيدٍ الغفاريُّ، وهوَ منْ رواة الحديثِ منَ الصّحابةِ، أما رجالُ سند الحديثِ البقيّة:
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو خيثمةَ، زهيرُ بنُ حربِ بنِ شدّادَ الحرشيُّ (160ـ232هـ)، وهوَ منْ ثقات تبعِ أتباع التّابعينَ في الحديثِ.
- إسحاقُ بنُ إبراهيمَ: وهوَ أبو يعقوبَ إسحاقُ بنُ إبراهيم الحنظليُّ (161ـ237هـ)، منْ ثقات تبع الأتباع.
- ابنُ أبي عمرَ المكّيُّ: وهوَ أبو عبدِ الله، محمّدُ بنُ يحيى العدنيُّ الحافظُ، منْ رواة الحديثِ منْ تبعِ الأتباع.
- سفيانُ بنُ عيينةَ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، منْ كبار ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- فرات القزّاز: وهوَ أبو محمّدٍ، فراتُ بنُ أبي عبدِ الرّحمنِ القزّازُ التّميميُّ، منْ أتباع التّابعينَ الثّقات.
- أبو الطّفيل: وهوَ عامرُ بنُ واثلةَ اللّيثيُّ (ت: 100هـ)، وهوَ منْ رواة الحديثِ منَ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى علاماتٍ تسبقُ قيامَ السّاعة، وقدْ ذكرَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّ السّاعةَ لا تقومُ إلّا بعدّ ظهورِ عشر آياتٍ وهي:
- الدّخان: وهوَ دخانٌ يغشى النّاسَ في الأرضِ، وقيلَ أنّه يأخذُ الكافرَ بكفره، ويمرُّ على المؤمنِ كالزّكامِ، وهوَ لمْ يأتٍ بعدُ.
- الدّجالُ: وهوَ دجّالُ أعورُ العينِ يأمرُ النّاسِ باتّباعه، وهي لمْ تظهر.
- الدّابةُ: وهي دابّةُ تخرجُ تكلّمُ النّاسَ وتبيّنُ كفرهمْ وإيمانهمْ، ووردَ أنّها منْ آخر علامات السّاعة.
- طلوعُ الشّمسِ منْ مغربها: وهي تسبق الساعةَ فتخرجُ منَ المغربِ على غير عادتها بخروجها منَ المشرقِ.
- يأجوجَ ومأجوجَ: وهي خروجُ القومِ المفسدينَ الّذين بنا عليهمْ ذي القرنينِ سداً عظيماً.
- نزولُ عيسى بنِ مريمَ: ويكونُ خروجه قبل السّاعةِ، فيكسرُ الصّليبَ ويقتلُ الخنزيرَ ويتّبعُ دينَ محمّدٍ صلّى الله عليه وسلّمَ.
- خسفٌ بالمشرقِ.
- خسفُ بالمغربِ.
- خسفُ بجزيرة العربِ.
- نارُ تخرجُ منَ اليمنِ: وهي نارٌ عظيمةُ تخرجُ منَ اليمنِ فيهربُ منها النّاسُ إلى أرضِ المحشر.
ما يرشدُ إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الإخبارُ بعلامات السّاعةُ دليلُ على نبوّته عليه السّلام وأنّه مؤيّدُ بالوحي.
- لا تقومُ السّاعةُ إلّا بعدَ ظهور عشر علامات، وهي المذكورةُ في الحديث.