لقدْ حرصَ الإسلامُ على حفظِ حقوقِ المرأةِ وصانَ حرّيّتها وحقوقها في الزّواجِ، وأوجبَ أخذَ إذنها في الزّواجِ وعدمِ إجبارها على ذلكَ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ منْ خلالِ كثيرٍ منَ الشّواهدِ كيفَ تكونُ موافقةُ المرأة للزّواجِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يريوي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا معاذُ بنُ فَضالةَ، حدّثنا هشامٌ، عنْ يحيى، عنْ أبي سلمةَ، أنَّ أبا هريرةَ حدّثهمْ، أنَّ النّبيَّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا تُنكحُ الأيمُ حتّى تُستأمرَ، ولا تُنكحُ البكرُ حتّى تُستأذنَ”. قالوا: يا رسولَ اللهِ، وكيفَ إذنُها؟ قال: “أنْ تسكتَ”)). رقمُ الحديث:5136.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ فيصفي كتابِ النّكاح، بابُ لا ينكحُ الأبُ وغيرهُ البكرَ والثّيِّبَ إلّا برضاها، والحديث جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منَ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلذى اللهث عليه وسلّمَ، أمّا بقيّةُ رجالِ الحديثِ الآخرونَ:
- معاذُ بنُ فَضالةَ: وهوَ أبو زيدٍ، معاذُ بنُ فضالةَ الزّهرانيُّ (ت: بعدَ210هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- هشامٌ: وهوَ أبو بكرٍ، هشامُ بنُ أبي عبدِ اللهِ سنبرَ الدِّستوائيُّ (76ـ154هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- يحيى: وهوَ أبو نصرٍ، يحيى بنُ أبي كثيرٍ صالحٍ المتوكّلِ الطّائيُّ (ت:129هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثّقاتِ منْ زمنِ أتباع التّابعينَ.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيٌّ (ت:93هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديث المذكورُ إلى كيفيّةِ أخذِ رأي المرأةِ في الزّواجِ وقبولها إياهُ، وقدْ بيَّن النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلَّمَ وجوبَ أخذِ رأيها وتحريمِ إجبارها على الزّواجِ دونَ موافقتها، وقدْ ذكرَ الحديثُ أنَّ المرأةَ إمّا أنْ تكونَ ثيّباً وإمّا أنْ تكونَ بكراً، أمّا الثّيّبُ فهي منْ كانَ لها زوجُ فتفرقا بسبب الموتِ أو الطّلاقِ أو الغيبةِ أوِ الرّدّةِ وهذا الصّنفُ يكونُ أخذُ رأيها بالاستئمارِ، والاستئمارُ هوَ أخذُ رأيها وأنْ تأمر بذلكَ، وقدْ ذكرها النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ بصفةٍ الأيمِ وهيَ الثيّبُ، وأمّا البكرُ وهي منْ لمْ يسبقْ لها الزّواجُ ويكونُ أخذُ رأيها بالسّكوتِ وهوَ ما يعبِّرُ عنِ الرّضى، والسّكوتُ بديلٌ عنْ موافقتها المقرونةِ بالحياءِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديثِ:
- اشتراطُ موافقةِ المرأةِ للزّواجِ ولا يجوزُ إجبارها.
- إذنُ الثّيّبِ بالاستئمارِ، والبكرُ بالسّكوتِ.