حديث في استراق السمع للشياطين

اقرأ في هذا المقال


لقدْ خلقَ اللهُ الخليقةَ كلّها ويعلَمُ كلّ شيءٍ عنها قبلَ خلقها، وأمرَ اللهُ تعالى الإنسانَ بأنْ يكونَ مسلماً لهُ في قوله وعمله ومؤمناً بقدرِ اللهِ، فلا يتوجّهُ لغيره ولا يعبدُ غيرهُ، كما أمرَ الإنسانَ بالإيمانِ بعلمِ الغيبِ وعدمِ تصديقِ الكهنةِ والعرّافينَ، ومعْ منْ يتّصلونَ بعالمِ الجنِّ لمعرفةِ الأخبارِ، لكن كيف يعرفُ الجنُّ بعضَ الأخبارِ قبلَ حدوثها، تعالوا نستعرضُ حديثاً يبيّنُ ذلك.

الحديث:

يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدٌ، حدّثنا ابنُ أبي مريمَ، أخبرنا اللّيثُ، حدّثنا ابنُ أبي جعفرَ، عنْ محمّدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ، عنْ عروةَ بنِ الزّبير، عنْ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها زوجُ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، أنّها سمعتْ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ يقولُ: (إنَّ الملائكةَ تنزلُ في العنانِ ـ وهوَ السّحابُ ـ فتذكرُ الأمرَ قُضيَ في السّماءِ، فتسترقُ الشّياطينُ السّمعَ، فتسمعُهُ فتوحيهِ إلى الكّهّانِ، فيكذبونَ معها مائةُ كذبةٍ منْ عندِ أنْفسِهم). رقمُ الحديث:3210)).

ترجمة رجال الحديث:

الحديث أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في كتابِ بدءِ الخلقِ؛ باب ذكرِ الملائكةِ، والحديث منْ طريقِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضيَ اللهُ عنها، وهي عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ الصّدّيقِ، وهيَ منَ المكثراتِ في روايةِ الحديثِ عنْ سيّدنا محمّدٍ عليهِ أفضلُ الصّلاةِ والتّسليمِ، أمّا رجالُ سندِ الحديث:

  • محمّدٌ: وهوَ  أبو عبدِ اللهِ، محمّدُ بنُ يحيى الذّهليٌّ (172ـ258هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديث منْ تبعِ أتْباع التّابعينَ.
  • ابنُ أبي مريم: وهوَ أبو محمّدٍ، سعيدُ بنُ الحكمِ الجُمحيُّ (144ـ224هـ)، وهوَ منْ رواةُ الحديثِ الثّقاتِ منْ تبعِ الأتْباع.
  • اللّيثُ: وهوَ أبو الحارثِ، اللّيثُ بنُ سعدٍ الفهميُّ (94ـ175هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
  • ابنُ أبي جعفر: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ اللهِ بنُ يسارٍ القرشيُّ (60ـ132هـ)، وهوَ من ثقاتِ الرّوايةِ منْ أتباع التّابعينَ.
  • محمّد بنُ عبدِ الرّحمنِ: وهوَ أبو الأسودِ، يتيمُ عروةَ، محمّدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ القرشيُّ، وهو من الثّقاتِ المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
  • عروة بنُ الزّبيرِ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ.

دلالة الحديث:

يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى كيفيّةِ استراقِ السّمعِ منَ الشّياطينِ للأخبارِ المقضيّةِ في السّماءِ، وهوَ كما بيّنَ ذلكَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّم أنَّه عندما يقضي اللهُ أمراً وتنزلُ بهِ الملائكةُ بينَ السّحابِ، تسترقُ الشّياطينُ سمعَ هذه الأخبارِ المقضيّةِ، فتنقُلها إلى الكهنةِ الّتي تتّصلُ بالشّياطينِ وعالمِ الجنِّ، ثمّ يقومٌ الكهّانُ والعرّافونَ بأخذِ الأخبارِ وإشاعتها بينَ النّاسِ والزّيادةِ عليها منْ أكاذيبٍ، ولذلكَ قدْ يُهيّأُ للنّاسِ أنّ الكهنةَ يعرفونَ فيأتونَهمْ ليسألونهمْ، وهنا الامتحانُ للمؤمنينَ في كشفِ أكاذيبهْ وعدمِ الوصولِ إليهم، وقدْ حرّمَ الإسلامُ السّماعَ لهمْ وإتيانهمْ وتصديقِهم.

ما يرشد إليه الحديث:

منَ الفوائد منَ الحديث:

  • علمُ الغيبِ لا يعلمهُ إلّا الله تعالى.
  • ما يعرفهُ الكهنةُ أنّما هو علمٌ مقضيٌّ بهِ تسترقهُ الشّياطينُ لهمْ ويزيدونَ عليه.
  • حرمةُ الوصولِ إلى الكهنةِ والعرّافينَ وتصديقهم ولو كان صحيحٌ قولٌهم.

شارك المقالة: