لقدْ كانَ في حديثِ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منَ الشّواهدِ الّتي تبيّنُ كثيراً منْ أحكامِ الأشربةِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلامُ حكمُ شربِ كثيرٍ منها، ومنها شربُ الخمرِ الّذي يفقدُ العقلَ، وسنعرضُ حديثاً نبويّاً في إثمِ شاربِ الخمر في الآخرةِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ، أخبرنا مالكٌ، عنْ نافعٍ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضي اللهُ عنهما، أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “منْ شربَ الخمرَ في الدّنيا ثمّ لمْ يتبْ منها، حرمها في الآخرةِ”)). رقمُ الحديث: 5575.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ قدْ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيح في كتابِ الأشربةِ، بابُ: (الأشربةِ وقولُ اللهِ تعالى: “إنّما الخمرُ والميسرُ والأنصابُ والأزلامُ رجسٌ منْ عملِ الشّيطانِ فاجتنبوهُ لعلّكمْ ترحمون”)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ رضي اللهُ عنهما، وهو منَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ، أمّا بقيّةُ رجالِ الحديثِ:
- عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ التّنّيسيُّ (ت:218هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ أتباعِ التّابعينَ في الحديثِ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، الإمامُ مالكُ بنُ أنسِ الأصبحيُّ الحميريُّ (93ـ179هـ)، وهوَ صاحبُ المذهبِ المالكيِّ الفقهيِّ، وهوَ منْ أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في روايةِ الحديث.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيِّ (ت: 116هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ المحدّثينَ عنِ الصّحابةِ وعنْ مولاهِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى اثمِ شاربِ الخمرِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليهِ وسلّمَ أنّهُ منْ كانَ في الدّنيا شارباً للخمرِ ولمْ يلحقْ عملهُ هذا بالتّوبةِ وماتَ على ذلكَ حرمَ منَ الخمرِ المشروبِ في الجنّةِ، وقدْ كانَ ذلكَ الجزاءُ ترهيباً منْ هذهِ المعصيةِ التّي بيّنَها النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنّها منَ الرّجسِ الشّيطانيُّ تأكيداً لكلامِ اللهِ عزّ وجلَّ، كما بيّنَ النّبيُّ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ عقوبةُ شاربِ الخمرِ بغيرِ الحديثِ المذكورِ ومنها عدمُ دخولِ الجنّةِ، دلالةَ على عدمِ تمتّعهِ بشرابِ أهلِ الجنّةِ وليسَ دخولها بمعناه المفهومِ العامِّ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشدُ إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- تحريمُ شربِ الخمرِ وأنّها منَ المعاصي الكبيرةِ في الإسلامِ.
- وجوبِ التّوبةِ منْ شربِ الخمرِ.
- حرمانُ شاربِ الخمرِ غيرِ التّائبِ منْ شربها في الجنّةِ.