لقدْ حذَّرتِ الشَّريعَةُ الإسْلاميَّةُ منْ المَعاصِي والذُّنوبِ، ووضَعت الجزاءَ على كلِّ منْ اقْتَرَفَ المَعاصي والذُّنوبَ، ومنْ رَحمَةِ الإسْلامِ أنْ جَعلَ بابَ التوبَةِ مفتوحاً لِكُلِّ منْ أرادَ الرُّجوعَ عنِ المَعاصِي، وجعلتِ الشَّريعَةُ التَّوبَةَ ماحِيَةً للذنوزبِ السابقة، وهانحن نستَعْرِضُ منَ الحديثِ حديثاً عنِ التَّوْبَةِ.
الحديث:
يرْوي الإمامُ مُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ النَّيْسابوريُّ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ المُثَنَّى، حدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ، حدَّثَنا شُعبَةُ، عنْ عمرِو بنِ مُرَّةَ،، قالَ: سَمِعْتُ أبا عُبيْدَةَ يُحَدِّثُ عنْ أبي موسَى، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ قالَ: (إنَّ اللهَ عزَّ وَجلَّ يبسُطُ يَدَهُ باللَّيلِ لِيتوبَ مُسيءُ النَّهارِ ويبسُطُ يَدَهُ بالنَّهارِ لِيتوبَ مُسيءُ اللَّيلِ، حتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ منْ مَغْرِبِها) رقمُ الحديثِ: 2759)).
سند الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامٌ مُسْلمُ بنُ الحجَّاجِ النَّيْسابوريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ التَّوْبَةِ ـ بابُ قبولِ التَّوبَةِ منَ الذُّنوبِ ـ، ويبْدَاُ سنَدُ الحديثِ منْ جيلِ تَبَعِ أتْباعِ التَّابعينَ منَ الرَّاوِي مُحَمَّدِ بنِ المُثَنَّى العنْزِيِّ، عنْ مُحَمَّدِ بن جعفرٍ الهذليِّ منْ طبقَةِ تبعِ الأتْباعِ، ويرويهِ مُحَمَّدُ بنُ جَعْفرٍ عنْ شُعْبَةَ بنِ الحَجَّاجِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، ليَصِلَ سَنَدُ الحديثِ إلى التَّابعينَ منْ طريقِ عمْرِو بنِ مُرَّةَ الجَمَليِّ الّّذي يرْوي الحديثَ عنْ أبي عبيدَةَ عامر بنِ عبدِ اللهِ الهُذَلِيِّ، وعامرٌ حدَّثَ الحديثَ عنْ أبي موسَى الأشْعريِّ منْ كبارِ المكثرينَ في رواية الحديثَ منَ الصَّحابَةِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
دلالة الحديث:
دلَّ الحديثُ الشَّريفُ على فتحِ بابِ التَّوْبَةِ للمُسِيئِ والعاصِي المُقْترفِ للذُّنوبِ، وبسطُ يدِ اللهِ مجازاُ يشيرُ إلى قبولِ التَّوبَةِ ففي لُغَةِ العَربِ إذا اتَّفقق النَّاسُ على أمْرٍ بسَطوا أيديَهمْ دلالةً على القبولِ والموافقةِ، والتَّوبَةُ المقبولَةُ يجَبِ فيها شُروطٌ منها: أنْ يعزِمَ النِّيَّةَ على عدمِ اقْترافِ الذّنبِ مرَّةً أُخْرَى وعدَمِ الرُّجوعِ إلى المَعْصِيَةِ معْ إخْلاصِ النِّيَّةِ للهِ، وقالَ أهلُ العِلمِ إذا كانتِ التَّوبَةُ عنْ ذنبٍ فيهِ حقوقٌ للنَّاسِ يُبادِرُ إلى إرْجاعِ الحقِّ لأصْحابِهِ. والتّوبَةُ يقْبَلُها اللهُ منَ النَّاسِ بغيرِ زمانٍ أوْمكانٍ حتَّى تخْرُجَ روحُ الإنْسانِ أوْ تَطْلَعَ الشَّمْسُ منْ مغربها.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المُسْتَفادَةِ منَ الحديثِ السَّابقِ:
- عظمُ رَحمَةِ اللهِ بقبولِ توبَةِ العبْدِ.
- باب التَّوبَةِ مفتوحُ للخلقِ دائماً.
- على العبدِ المسارَعَةُ في التَّوبَةِ والرُّجوعِ عنِ المَعْصِيةِ.
- على العبدِ تعظيمُ المعْصِيَةِ في النَّفسِ والبعدِ عنِ الملَذّاتِ التِي تقودُ إليها.