لقدْ كانَ في حديثِ النّبيِّ صلّى الله عليه وسلّمَ كثيراً منَ الشّواهدِ الّتي تبيّنُ للمسلمِ أحكامَ دينهِ وتعاليمَ شريعته السّمحاءِ الّتي توجبُ أنْ يكونَ التّعظيمُ لله تعالى وحدهُ، وقدْ علّمَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أصحابهُ أنْ يكونوا موحّدينَ للهِ معظّمينَ له، ونهاهمْ عنْ بعضِ الأعمالِ الّتي تظهرِ تعظيمَ غيرهِ ومنها الحلفُ بغيرِ اللهِ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ، عنْ مالكٍ، عنْ نافعٍ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما، أنّ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أدركَ عمرَ بنَ الخطّابِ وهوَ يسيرُ في ركبٍ، يحلفُ بأبيهِ، فقالَ: “ألا إنّ اللهَ ينهاكُمْ أنْ تحلفوا بآبائكمْ، منْ كانَ حالفاً فليحلف باللهِ أو ليصمتْ”)) رقمُ الحديث: 6646.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الأيمان والنّذور بابُ لا تحلفوا بآبائكمْ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُِّ العدويِّ، وهوَ! منَ المكثرينَ لرواية الحديث منَ الصّحابةِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وبقيّةُ رجال سندِ الحديثِ البقيّة:
- عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ: وهو أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ مسلمةَ بنُ قعنبَ القعْنبيُّ (ت: 220هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ الحميريّ (93ـ179هـ)، إمامُ دارِ الهجرةِ وصاحبُ المذهبِ المالكيَِّ الفقهيِّ، منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ، وهوَ من ثقاتِ التّابعينَ المحدّثينَ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشير الحديثُ النّبويّ المذكورُ إلى النّهيِّ عنِ الحلفِ بغيرِ اللهِ تعالى، وقدْ نهى النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عمرَ بنَ الخطّابِ وهوَ يسيرُ في الرّكبِ حالفاً بأبيهِ عنْ ذلكَ، وبيّنَ أنّ اللهِ ينهى عنْ ذلكَ، والنّهيُّ هنا نهي تحريمٍ، لأنّ الحلفَ بغيرِ اللهِ في تعظيمُ لغيرِ اللهِ تعالى الّذي لا يجوزُ الحلفُ إلّا بهِ، وأنَّ الحلف بغيرهِ تعالى لا يجوزُ، إلّا أنْ يكونَ منَ اللهِ تعالى الّذي أقسمَ في كتابهِ بغيرِه عزّ وجلَّ، وينبغي للمسلمِ العدولُ عنِ الحلفِ بغيرِ اللهِ، فقدْ وردَ بغيرِ هذا الحديثِ بأنَّ الحلفَ بغيرِ اللهِ يوقعُ صاحبهُ في الشّركِ لأنّه أشركَ غيرَ اللهِ في العظمةِ، واللهُ تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستخرجةِ منَ الحديث:
- المسلمُ يجبُ أنْ يكونَ موحِّداً للهِ لا يشركُ به غيرهَ في الحلفِ والتّعظيمِ.
- حرمةُ الحلفِ بالآباءِ وغيرِ الله.