لقدْ كانَ في حديثِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ كثيراً منَ الآدابِ والأخلاقِ الّتي بيّنها للصّحابةِ الّتي تنشرُ الودَّ والألفةَ بينهمْ، ونهى عنْ كلِّ ما يولِّدُ الشّكَ والبغضاءَ بينهمْ، وكانَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ ينهى عنْ مناجاةِ الاثنينِ في مجلسٍ دونَ الثالثِ، لما لهُ منْ أثرٍ في تعميقِ الحزنِ والشّكِ والنزاعِ والبغضاء، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ، أخبرنا مالكٌ، ح وحدّثنا إسماعيلُ، قالَ: حدّثني مالكٌ، عنْ نافعٍ، عنْ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ، أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “إذا كانوا ثلاثةٌ، فلا يتناجى اثنانِ دونَ الثّالثِ”)). رقمُ الحديث: 6288.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الاستئذانِ، بابُ: (لا يتناجى اثنانِ دونَ الثّالثِ)، والحديث منْ طريقِ الصّحابيّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ، وهوَ منَ الصّحابةِ المكثرينَ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، أمّا بقيّةُ رجالِ السّندِ الآخرونَ:
- عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ اللهِ بنُ يوسفَ التّنّيسيُّ الكلاعيّ (ت: 218هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ الحميريُّ (93ـ179هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينّ، وهوَ صاحبُ المذهبِ الفقهيِّ المالكيِّ.
- إسماعيلُ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، إسماعيلُ بنُ عبدِ اللهِ الأصبحيُّ (139ـ226هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ.
- نافعٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نافعٌ مولى عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّاب (ت: 116هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ وعنْ مولاه عبدِ اللهِ بنِ عمرَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى النّهيِّ عنْ مناجاةِ الإثنينِ دونَ الثّالثِ في المجلسَِ، والتّناجي هوَ أنْ يتكلّمِ الاثنانِ بالسّرِ دونَ الثّالثِ في المجلسِ، وقدْ نهى النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ ذلكَ لما في ذلكَ منْ حزْنٍ سيكونُ عندَ الثّالثِ، وفي روايةٍ أخرى: “فإنَّ ذلكَ يُحْزنُهُ”، وحكمةُ النّهيِّ عنْ تناجي الإثنينِ دونَ الثّالثِ لأنَّ الإسلامَ ينهى عنْ ما يُحزنُ المسلمَ، وقدْ أوردَ العلماءُ أنَّ العددَ المذكورُ ليسَ مقصوراً على الثّلاثةِ فقطْ، ولكنْ إذا كانَ المجلسُ كبيراً فلا بأسَ في ذلكَ لكثرةِ منْ فيهِ وانشغالهمْ في كلامٍ موسّعٍ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرصُ الإسلامِ على انشاءِ علاقاتِ المودّةِ والألفةِ بينَ المسلمينَ.
- النّهيِّ عنْ تناجي الإثنينِ في المجلسِ دونَ الثّالثِ.