لقدْ كانَ للأقوامِ السّابقةِ منَ القصص الّذي ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز، وبيّنها النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ في كثيرٍ منْ شواهدِ الحديث، ولقدْ جعلَ الله في عقاب الظّالمينَ منهمْ آيةً وعبرة لأولي الألبابِ، وكثيرٌ منهمْ لا زالتْ بيوتهمْ خاويةً بظلمهم، وقدْ نهى عليه الصّلاة والسّلامُ عنْ دخولِ مساكنهمْ إلّا باكينَ معتبرينَ، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ الله في الصّحيح: ((حدّثنا يحيى بنُ أيّوبَ، قتيبةُ بنُ سعيدٍ، وعليُّ بنُ حُجْرٍ، جميعاً عنِ إسماعيلَ، قال ابنُ أيّوبَ: حدّثنا إسماعيلُ بنُ جعفرٍ، أخبرني عبدُ الله بنُ دينارٍ أنّهُ سمعَ عبدَ الله بنَ عمرٍ يقولُ: قالَ رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ لأصحابِ الحجْرِ: “لا تدخلوا على هؤلاء القومِ المعذّبينَ إلّا أنْ تكونوا باكينَ، فإنْ لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم؛ أنْ يصيبكمْ مثلَ ما أصابكم“)). رقمُ الحديث: 38/2980.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الزّهدِ والرّقائقِ، بابُ: (لا تدخلوا مساكنَ الّذينَ ظلموا أنفسهمْ إلّا أنْ تكونوا باكينَ) والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيّ الجليلِ عبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ رضي الله عنهُ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديث منَ الصّحابة، أمّا بقيّة رجالِ سندِ الحديثِ الشّريفِ:
- يحيى بنُ أيّوبَ: وهوَ أبو زكريا، يحيى بنُ أيّوبَ البغداديُّ (157ـ234هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- قتيبةُ بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثّقفيّ (148ـ240هـ)، وهوَ أيضاً منْ ثقات رّواية الحديثِ منْ تبع الأتباع.
- عليُّ بنُ حُجْرٍ: وهوَ أبو الحسنِ، عليُّ بنُ حُجْرِ بنِ إياسٍ البغداديُّ (154ـ244هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منَ تبع الأتباع.
- إسماعيلُ بنُ جعفرٍ: وهوَ أبو إسحاقَ، إسماعيلُ بنُ جعفرٍ الأنصاريّ (ت:180هـ)، وهوَ منْ أتباع التّابعينَ الثّقات.
- عبد الله بن دينارٍ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ الله بنُ دينارٍ القرشيُّ (ت: 127هـ)، وهو منْ ثقات التّابعينَ المحدّثينَ عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويِّ المذكورُ إلى النّهي عنْ دخولِ مساكنِ الّذينَ ظلموا أنفسهمْ فعذّبهمُ الله، وقدْ نهى النّبيُّ أصحابِ الحجرِ عنْ دخولِ مساكنِ أصحابِ الحجرِ المعذّبينَ إلّا أنْ يكونُ دخولهمْ باكينَ معتبرينَ في عقوبتهمْ وقدْ ظلموا أنفسهمْ بالشّركِ بالله تعالى، وقدْ أخذَ أهلُ العلمِ أنّ الدّخولَ على تلكَ المساكنِ مكروهٌ ويكونُ للضّرورة، وعلى منْ يدخلُ ديارهمْ الإسراعُ وعدمِ المكوثِ في ديارٍ سُخطتْ بعذاب الله.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- على المؤمن أخذ العبرة والعظةِ منْ سابق الأقوامِ المعذّبين.
- النّهي عنِ الدّخولِ في مساكن الظّالمين أنفسهمْ إلا للعبرة والعظة والإسراع في ذلك.