لقدْ كانَ للمتغيّراتِ في نظامِ الكونِ في حديثِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ الكثيرُ منَ الشَّواهدِ الّتي تشيرُ إلى كيفيَّةِ التَّعامُلِ معها، ومنها الكسوفُ والخسوف؛ كسوفُ الشَّمسِ وخسوفُ القمرِ، وقدْ سنَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ للكسوفِ والخسوفِ صلاةٌ يصلِّيها المسلمُ للهِ تقرُّباُ واستغفاراً، فكيفَ ينادى لها، سنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ تعالى في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا إسحاقُ، قال: أخبرنا يحيى بنُ صالحٍ، قال: حدَّثَنا مُعاويةُ بنُ سلَّامَ بنِ أبي سلَّامَ الحبشيُّ الدمشقيُّ، قال: حدَّثَنا يحيى بنُ أبي كثير، قال: أخبرني أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ الزُّهريُّ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضيَ اللهُ عنهُما قال: لمَّا كسفتِ الشَّمسُ على عهدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّمَ نوديَ: إنَّ الصَّلاةَ جامعةٌ)). رقمُ الحديث:1045.
ترجمة رجال الحديث:
الحديث يرويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كتابِ الكسوفِ؛ بابُ الصَّلاةُ جامعةٌ في الكسوفِ، والحديثُ منْ طريقِ عبدِ اللهِ بنِ عمرو رضيَ اللهُ عنهما، وهوَ عبدُ اللهِ بنُ عمرو بنِ العاصِ القرشيُّ(ت:63هـ)، وهوَ منَ المكثرينَ في روايةِ الحديثِ عنْ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- إسحاقُ: وهوَ أبو يعقوبَ، إسحاقُ بنُ إبراهيمَ التَّميميُّ المروزيُّ، والمعروفُ بإسحاقَ الكوسجِ (ت:251هـ)، وهوَ منَ المحدِّثينَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ.
- يحيى بنُ صالحٍ: وهوَ أبو زكريا، يحيى بنُ صالحٍ الحمصيُّ (147ـ222هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ تبعِ الأتباعِ أيضاً.
- معاويةُ بنُ سلَّامَ: وهوَ أبو سلَّامَ، معاويةُ بنُ سلّامَ الحبشيُّ (ت:170هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثِّقاتِ منْ أتباعِ التَّابعين.
- يحيى بنُ أبي كثيرٍ: وهوَ أبو نصرٍ، يحيى بنُ أبي كثيرٍ الطَّائيُّ (129هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتباعِ التَّابعين.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ، ابنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (23ـ93هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ الثِّقاتِ منَ التَّابعينَ عنِ الصَّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى كيفيَّةِ النِّداءِ إلى صلاةِ الكُسوفِ، وهوَ ما جاءَ منَ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عندَما كُسفتِ الشّمسُ في زمنهِ، فأمرَ بأنْ يٌنادى لصلاةِ الكسوفِ بلفظِ: (إنَّ الصَّلاةَ جامعةٌ)، وهي صيغةُ نداءٍ لهذهِ السُّنَّةِ المؤكَّدةِ، وفي لفظِ الصَّلاةِ جامعةٍ للتَّفريقِ بين السُّننِ والفرائضِ منَ الصَّلواتِ، وفيها أيضاً تنبيهٌ للنَّاسِ بأمرٍ مهمٍّ ليجتمعوا لهُ ويصلُّوا صلاةَ الكسوفِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديث:
- مشروعيَّةُ صلاةِ الكسوفِ.
- النِّداءُ لصلاةِ الكسوفِ بلفظِ(الصَّلاةُ جامعةٌ)، لما وردَ عنهُ عليهِ الصَّلاةُ والسّلامُ.