ما زلنا نتتبّعُ أحكامَ اللّباسِ في مدرسةِ محمّدٍ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، تلكّ المدرسةِ الّتي تعلّمَ الصّحابةُ الكرامُ منها أحكامِ لباسهمِ منَ المحلّل لهمِ والمحرّمِ عليهمِ، ونصلُ إلى تحريمِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنْ لبسِ المياثرِ والقسّيِّ، فما المياثرُ وما القسّي؟، تعالوا لنعرضَ حديثاً في بيانِ ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ مقاتلٍ، أخبرنا عبدُ اللهِ، أخبرنا سُفيانُ، عنْ أشعثَ بنِ أبي الشّعثاءِ، حدّثنا معاويةُ بنُ سويدِ بنِ مُقّرِّنٍ، عنِ ابنِ عازب قال: نهانا رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ عنِ المياثرِ الحمرِ والقسِّيِّ)). رقمُ الحديث: 5838.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحهَ في كتابِ اللّباسِ، بابُ: (لبسِ القسّيِّ)، والحديثُ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ ابنِ عازبٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ أبو عمارةَ، البراءُ بنُ عازبٍ الأنصاريُّ الحارثيُّ، منَ الصّحابةِ الرّواةِ للحديثِ عنِ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ مقاتلٍ: وهوَ أبو الحسنِ، رخٌّ، محمّدُ بنُ مقاتلٍ المروزيُّ (ت:226هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ الحديثِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- عبدُ اللهِ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ المباركِ الحنظليُّ (118ـ181هـ)، وهوَ منْ مشاهيرِ ثقاتِ الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- سفيانُ: وهوَ أبو عبدِ الله، سفيانُ بنُ سعيدٍ الثّوريُّ (97ـ161هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- أشعثُ بنُ أبي الشّعثاءِ: وهوَ أبو يزيدَ، أشعثُ بنُ سليمِ بنِ أسودَ المحاربيُّ (ت: 125هـ)، وهوَ منْ أتباعِ التّابعينَ، ثقةٌ في رواية الحديث.
- معاويةُ بنُ سويدٍ: وهوَ أبو سويدٍ، معاويةُ بنُ سويدِ بنِ مقرِّنٍ المزنيُّ، منَ التّابعينَ المحدّثينَ الثّقاتِ.
دلالة الحديث:
يشير الحديثُ إلى حكمٍ منْ أحكامِ اللّباسِ في الإسلامِ، وقدْ وردَ في الحديثِ أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ نهى عنْ لبسِ المياثرِ والقسّيِّ، أمّا المياثرُ فهيّ اللّباسُ الّذي يكونُ منَ الحريرِ ممزوجاً أو محشوّاً بالقطنِ وغيرهِ، والقسّيُّ هيّ ما كانَ منسوجاً وممزوجاً منَ الحريرِ وغيرهِ كالقطنِ والكتّانِ أو ما شابهَ ذلكَ، والحكمةُ منْ ذلكَ ما حرّمهُ الإسلامُ على ذكورِ الأمّةِ منْ لبسِ الحريرِ، كما وردَ بشواهدَ أخرى منَ الحديثِ النّهيُّ عنِ افتراشهما والجلوسِ عليهما، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ المستفادةِ منَ الحديث:
- حرصِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ على تعليمِ أحكامِ اللّباسِ للأمّةِ.
- تحريمُ لبسِ ما كانَ ممزوجاُ معَ الحريرِ لتحريمِ لبسهِ للرّجالِ.