لقدْ كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يعلِّمُ الصَّحابةَ كلَّ شيءٍ، وكانوا ملازمينَ لهُ في كلِّ أعمالهِ، وكانَ منهمُ الشُّعراءُ كحسَّانِ بنِ ثابتٍ الّذي كانَ يدافعُ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وكان يحظى بدعاءِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وتشجيعه، وكانَ منْ شعرهِ في المسجدِ، وسنعرضُ حديثاً يبيِّنُ جوازَ الشِّعرِ في المسجدِ.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا أبو اليمانِ الحكمُ بنُ نافعٍ، قال: أخبرنا شعيبٌ، عنِ الزَّهريِّ، قال: أخبرنِي أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ، أنَّهُ سمعَ حسَّانَ بنَ ثابتٍ الأنصاريَّ يستشهدُ أبا هريرةَ: أُنْشدُكَ اللهَ، هلْ سمعتَ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يقولُ: ( ياحسَّانُ، أجبْ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، اللّهمَّ أيِّدْهُ بروحِ القُدُسِ؟) قال: أبو هريرةَ: نعمْ)). رقمُ الحديثِ: 453.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الصَّلاةِ، بابُ الشِّعرِ في المسجدِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ حسَّانَ بنِ ثابتٍ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ شاعرُ النَّبيِّ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامِ حسَّانُ بنُ ثابتٍ الأنْصاريُّ، ويستشهدُ بأبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ في الحديثِ، وأبو هريرةَ هوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدُّوسيُّ؛ منْ أكثرِ الصَّحابةِ روايةً للحديث النَّبويِّ الشَّريفِ، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ:
- أبو اليمانِ: وهوَ الحكمُ بنُ نافعٍ البهرانيُّ الحمصيُّ (138ـ221هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في رواية الحديث.
- شعيبٌ: وهوَ أبو بشرٍ، شعيبُ بنُ أبي حمزةَ دينارَ القرشيُّ (ت:162هـ)، وهوّ منَ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- الزُّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمَّدُ بنُ مسلمٍ المعروفُ بابنِ شهابٍ الزُّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدِّثينَ الثِّقاتِ من التَّابعينَ.
- أبو سلمةَ: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرَّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ الزُّهريُّ (بضعٌ وعشرونَ ـ93هـ)، وهوَ منَ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ عنِ الصَّحابةِ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى سؤالِ الصَّحابيِّ حسَّانَ بنِ ثابتٍ لأبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ مُستشهِداً به، أي طالباً منهُ الشَّهادةَ لما تكلَّمَ بهِ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في شعرِ حسَّانِ بنِ ثابتٍ ودعائهِ عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامِ له بتأييدهِ بروحِ القدُسِ، فأجاب بصدقِ ذلكَ، وفي ذلكَ بيانُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بجوازِ الشِّعرِ وكانَ أكثرهُ يكونُ في المسجدِ، وقدْ يجوزُ الشِّعرُ في المسجدِ إذا تحلَّى بصفات الشِّعرِ المحمودِ بما يناسبُ أخلاقَ الإسلامِ والبعدِ عنِ الفُحشِ وما لا يكونُ منْ صفاتِ المسلمِ ولخدْمةِ هذا الدِّينِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منّ الدُّروسِ المستفادةِ منَ الحديث:
- جوازُ الشِّعرِ في المسجدِ بما يكونُ منْ صفاتِ الشِّعرِ المحمودِ.
- جوازُ طلبِ الشَّهادةِ.