لقدْ مانَ في حديثِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منَ الأحكامِ الّتي جاءت عامّةً في القرآنِ الكريمِ، ومنْ هذه الأحكامِ أحكامُ الحدودِ، ومنَ أحكامِ الحدودِ الّتي ذكرها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حدُّ الزّانيةِ منَ الجواري، وسنعرضُ حديثاً في حدِّ الزّانية غير المحصنةِ.
الحديث
أورد الإمام البخاريّ يرحمه الله في الصّحيح: ((حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالكٌ، عن ابن شهابٍ، عن عبيد الله بن عبد الله، عن أبي هريرة وزيد بن خالدٍ رضي الله عنهما، أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سئل عن الأمة اذا زنت ولم تُحصَن، قال: “إذا زنتْ فاجلدوها، ثمّ إن زنت فاجلدوها، ثمّ إنْ زنت فاجلدوها، ثمّ بيعوها ولو بضفيرٍ”.)). رقم الحديث: 6838.
ترجمة رجال الحديث
الحديث المذكور أورده الإمام محمّد بن إسماعيل البخاريّ في الصّحيح في كتاب المحاربين من أهل الكفر والردّة، باب: (إذا زنت الامة)، والحديث جاء من طريق الصحابيان الجليلان أبي هريرة عبد الرّحمن بن صخر الدّوسي وزيد بن خالد الجهنيّ وهما من الصّحابة الرّواة للحديث، أمّا رجال سند الحديث البقيّة:
- عبد الله بن يوسف: وهو أبو محمّد، عبد الله بن يوسف التّنيسيّ (ت:218هـ)، وهو من تبع أتباع التّابعين الثّقات من تبع أتباع التّابعين.
- مالكٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، الإمامُ مالكُ بنُ أنسٍ الأصبحيُّ الحميريُّ (93ـ179هـ)، وهوَ إمامُ دارِ الهجرةِ وصاحبُ المذهبِ المالكيِّ الفقهيِّ ومنْ ثقاتِ رواية الحديث.
- ابنُ شهابٍ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ كبارِ التّابعينَ المحدّثينَ للحديثِ النّبويِّ.
- عبيدُ الله بن عبدِ اللهِ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عتبةَ الهذليُّ (ت: 94هـ)، وهوَ منْ التّابعينَ المحدّثينَ الثّقاتِ للحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حدّ الأمةِ وهي الجاريةِ، وقدْ أشارَ الحديثُ إلى بيانِ حدِّ الزّانية الأمةِ الّتي لمْ تُحْصنْ إلى الجلدِ ، وقدْ بيّنَ أهلُ العلمِ أنَّ الأمّةَ تجلدُ نصفَ ما على الحرّةِ منَ الجلدِ وهوَ خمسونَ جلدةً، ولا يكونُ لها ممّا وردَ في شواهدَ منَ الحديثِ النّفيَّ وغيرَ ذلكَ، وقدْ تبيّنَ منَ الحديثِ إعادةُ الحدَّ عليها إذا تكرّر فعلُها الثّانيةُ والثّالثةُ ثمَّ تباعُ ولو بثمنِ حبلٍ، وذلكَ لشرٍّ يحصلُ منْ وجودِها عندَ سيّدها.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حدُّ الزنا عندّ الأمّةِ الجلدُ ثمَّ البيعُ.
- حرصُ الإسلامِ على خلو المجتمعِ منْ جريمةِ الزّنا حتّى عند الأمةِ.