لقدْ حذّر النّبيّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ كثيراً منَ الأمور في حياةِ المسلمِ الّتي منْ شأنها أنْ تنشرَ العداوةَ والبغضاءَ بينهمْ، وقدْ حثّ الإسلامُ على نزعِ كلِّ أسبابِ الفرقةِ ونزغاتِ الشّيطانِ، ومن ذلكَ رفعُ السّلاحِ في وجهِ المسلمِ، وسنعرضُ حديثاً في حرمةِ ذلكَ.
الحديث:
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ، أخبرنا عبدُ الرّزّاقِ، عنْ معمرٍ، عنْ همّامٍ، سمعتُ أبا هريرةَ، عنِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ قال: “لا يشيرُ أحدُكمْ على أخيه بالسّلاحِ؛ فإنّهُ لا يدري لعلَّ الشّيطانَ ينزعُ في يدهِ، فيقعُ في حفرةٍ منَ النّارِ”)). رقمُ الحديث:7072.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيح في كتابِ الفتنِ، بابُ: (قولِ النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “منْ حملَ علينا السّلاحَ”)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديث، وبقيّةُ رجالِ سندِ الحديثِ هم:
- محمّدٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمّدُ بنُ يحيى الذّهليُّ (172ـ258هـ)، وهوَ منْ مشاهير المحدّثينَ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباعِ التّابعينَ.
- عبدُ الرّزاقِ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ الرّزّاقِ بنِ همّامٍ الصّنعانيُّ (126ـ211هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقات منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- معمرٌ: وهوَ أبو عروةَ، معمرُ بنُ راشدٍ الأزْديُّ (96ـ150هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- همّامٌ: وهوَ أبو عقبةَ، همّامُ بنُ منبّهِ بنِ كاملٍ اليمانيُّ (ت: 132هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الرّواةِ للحديثِ، وهوَ ثقةٌ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى النّهيِّ عنْ إشهارِ السّلاحِ في وجهِ المسلمِ، والسّلاحُ كلُّ ما يؤذي منَ السّلاحِ النّاريِّ ونحوهِ منَ السيفِ والرّمحِ وغيره، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ حرمةَ ذلكَ في الحديثِ، وبينَ علةَ ذلكَ بأنّه قدْ ينزعَ الشّيطانُ في يدهِ، أي يوسوسَ لهُ ويحرّكه فيؤدّي ذلكَ إلى إصابةِ الآخرِ وربّما قتلهِ، ممّا يجعلهُ يدخلُ في عملهِ النّارَ، وقدْ ذكرَ أهلُ العلمِ أنّ الحرمةَ لا تكونُ فقطْ على منْ رفعَ السّلاحَ بالجدِّ فقطْ بلْ إنّ ذلكَ يتعدّى لمنْ أشهرهُ في وجهِ الآخرِ مازحاً، وقدْ ذكر النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ في حديثٍ آخرَ: “منْ حملَ علينا السّلاحَ فليسَ منّا”، وذلكَ للتّشديدِ في فعلِ ذلكَ والتّحذيرٌ منهُ لما لهُ منْ عواقبَ وخيمة.
ما يرشد إليه الحديث:
من الفوائد من الحديث:
- حرمة إشهار السّلاح في وجه المسلم.
- دورُ الشّيطان في اشعالِ الفتنةِ بنَ النّاسِ.