لقدْ جاءَ الإسلامُ بتعاليمهِ السَّمحَةُ يحثُّ على التّحلّي بالأخلاقِ الحميدَةِ، لما لها منْ آثارٍ على الفردِ والجماعةِ، وتنظيمِ حياةِ المجتمعِ الإسلاميِّ، ومنْ هذهِ الأخلاقِ حفظُ البصَرِ عنْ محارمِ اللهِ عزَّ وجلَّ وأعراضِ النَّاسِ، وسنعرضُ حديثاً في حرمةِ النَّظرِ في بيوتِ المسلمينَ بغيرِ إذنهم.
الحديث:
يروي الإمامُ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ: (( حدَّثَنِي زهيرُ بنُ حرْبٍ، حدَّثَنا جريرٌ، عنْ سُهيلٍ، عنْ أبيهِ، عنْ أبي هريرَةَ، عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، قال: (منْ اطَّلَعَ في بيتِ قومٍ بغيرِ إذْنهم فقدْ حلَّ لهُمْ أنْ يفقئُوا عينهُ) رقمٌ الحديثِ:2158)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامٌ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في الصَّحيحِ في كتابِ الآدابِ، بابُ تحريمِ النَّظرِ في بيت غيره، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ أبي هريرَةَ عبدِ الرَّحمنِ بنِ صخرٍ الدُّوسيِّ، وهوَ منْ أكثرِ الصَّحابَةِ المكثرينَ للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وأمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهو زهيرُ بنُ حربٍ بنُ شدَّادَ الحرشيُّ البغداديُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ، من (160ـ232هـ).
- جريرٌ: وهو جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ بنِ جريرٍ الضَّبيُّ، منْ رواةِ الحديثِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، منْ (100ـ188هـ).
- سهيلٌ: وهو سهيلُ بنُ أبي صالحٍ ذكوانَ السَّمانُ، منْ أتْباعِ التَّابعينَ، ووفاتُهُ في (138هـ).
- أبو سهيل: وهو ذكوانُ، أبو صالحٍ السَّمانُ، منْ رواةِ الحديثِ منْ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ، ووفاتُه في (101هـ).
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى عقوبَةِ منْ نظرَ في بيتِ الغيرِ بغيرِ إذنهم، والعقوبَةُ في فقأ عينه الّتي نظرَ بها، وفي هذا دلالةٌ إلى عظمِ جرمِ النَّظرِ في محرَّماتِ النَّاسِ، والتَّعدِّي على خصوصِيَّتهْ وأعراضِهم، وفيها منَ التَّعدِّي على حرماتِ اللهِ وحدودِهِ في حفظِ الأعراضِ الّتي هي منْ ضروراتِ ديننا الحنيف، وقدْ وردَ في حديثٍ آخرَ في صحيحِ مسلمٍ، منْ طريقِ سهلِ بنِ سعدٍ السَّاعديِّ: ((أنَّ رجلاً اطَّلَعَ في جحرٍ في باب رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ومع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِدرًى يحكُّ به رأسَهُ، فلمَّا رآهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: ( لو أعلمُ أنَّكَ تنتظرني لطعنْتُ بهِ في عينكَ). وقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (إنَّما جُعلَ الإذْنُ منْ أجلِ البصرِ). رقمُ الحديثِ: 2156)).
ما يرشدُ إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:
- غظُّ البصرِ عنْ محارمِ اللهِ وأعراضِ النَّاسِ.
- بيوتُ الغيرِ لها خصوصيَّةٌ يُحرَّمُ التَّعدِّي عليها.
- حفظُ الأعراضِ منْ ضروراتِ الدينِ الإسلاميِّ.