لمْ يتركِ الشّرعُ أيّ شيءٍ في حياةِ الإنسانِ إلّا وبيَّنَ لهُ أحكامهُ، وقدْ كانَ بسنّةِ النّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ وحديثهِ كثيراً منَ الشّواهدِ الّتي بيّنتْ للمسلمِ كثيراً منْ أحكام حياته، ومنْ هذهِ الأحكامِ أحكامُ البيع والشّراءِ، لما لها منْ أهميّةٍ في تنظيمِ حياة المسلمِ، وسنعرضُ حديثاً في حكمٍ منْ أحكامِ البيعِ وهو المزابنة.
الحديث:
يروي الإمام البخاري يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا زكريا بنُ يحيى، أخبرنا أبو أسامة، قال: أخبرني الوليدُ بنُ كثيرٍ، قال: أخبرني بُشيرُ بنُ يسارٍ مولى بني حارثةَ، أنّ رافعَ بنَ خديجٍ، وسهلُ بنُ أبي حثمةَ حدّثاهُ، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلّم نهى عنِ المزابنةِ بيعُ الثّمرِ بالتّمرِ إلّا أصحابَ العرايا فإنّهُ أذنِ لهمْ)). رقمُ الحديث:2384.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في صحيحه في باب: في الشّربِ؛ بابُ الرّجلُ يكونُ له ممرٌ أوْ شِربٌ في حائطٍ، والحديثُ منْ طريق الصّحابيانِ الجليلانِ: رافعُ بنُ خديجٍ الأنْصاريُّ وسهلُ بنُ أبي حثمةَ الأنْصاريُّ وهمْ منْ رواةِ الحديثِ النّبويِّ منَ الصّحابةِ الكرامِ، أمّا رجالِ الحديثِ الآخرونَ:
- زكريا بنُ يحيى: وهوَ أبو يحيى، زكريا بنُ يحيى بنِ صالحٍ البلخيُّ (ت:230هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التّابعينَ في روايةِ الحديث النّبويِّ.
- أبو أسامةَ: وهوَ حمّادُ بنُ أسامةَ بنِ زيدٍ القرشيُّ (121ـ201هـ)، وهوَ منْ رواةِ الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الوليدُ بنُ كثيرٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، الوليدُ بنُ كثيرٍ القرشيُّ (ت:151هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- بشيرُ بنُ يسارٍ: وهوَ بُشيرُ بنُ أبي كَيسانَ يسارٍ الحارثيُّ، وهوَ منْ رواة الحديث الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ المذكورُ إلى حكمٍ من أحكامِ البيوعِ وهي المزابنة، والمزابنةُ تعني: بيعُ رطبِ النّخيلِ وهي على النّخيلِ بالتّمرِ، وقدْ نهى رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّمَ عنْ بيعِ المزابنةِ لما فيهِ من الرّبا المنهيِّ عنهُ وهو بيع المثلِ بالمثلِ المنقوصِ وبيع المعلوم بما جهلَ نتاجهُ منَ التّمرِ ولأنّهُ قدْ يقودُ إلى الغبنِ بينَ النّاسِ، وقدْ استثنى النّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلّمَ أهل العرايا منْ ذلكَ، وأهلُ العرايا وهمْ منْ يملكونَ النّخلَ الّذي يعريها مالكها لمحتاجٍ وهي ما دونَ خمسةِ أوسقٍ، وهي تخرجُ منْ حكمِ التّحريمِ.
ما يرشد إليه الحديث:
من الفوائد منَ الحديث:
- تحريمُ بيع المزابنة وهو بيعُ الثّمرِ على النخل بتمر على أرضه.
- يستثنى من تحريم المزابنة بيع العرايا من النخل.