إنَّ للإيمانِ أركانَهُ ومبادئَهُ الرَّاسِخَةُ في النَّفسِ، ولمنْ يؤمنَ بِها صفاتُهُ الّتي تضفي عليهِ سماتُ أهلِ الإيمانِ، وإنَّ لأهلِ الإيمانِ أعمالُ تَدُلُّ على إيمانِهم، وتمَيِّزُهم عنْ أهلِ النِّفاقِ والمعاصِي والفُجورِ، وسنعرضُ في هذه السُّطورِ حديثُ عنْ أعمالٍ لأهلِ الإيمانِ تُميِّزهمْ عنْ غيرهم.
الحديث:
يرْوي الإمامُ البُخارِيُّ في صحيحه: ((حدَّثَنا قتيبَةُ بنُ سعيدٍ، حدَّثَنا أبو الأحوَصِ، عنْ أبي حَصينٍ، عنْ أبي صالِحٍ، عنْ أبي هُريرَةَ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (منْ كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ فلا يؤذِ جارَهُ، ومنْ كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِفليكْرِم ضيفهُ، ومنْ كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِفليقُلْ خيراً أوْ ليَصْمتْ). رقمُ الحديثِ:6018)).
سند الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامُ مُحمَّدُ بنُ إسْماعيلَ البُخارِيُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الأدَبِ، بابُ منْ كانَ يؤمنُ بالله واليومِ الآخرِ فلا يؤذِ جارَهُ، ويبدأُ سندُ الحديثِ منْ طبَقَةِ أتْباعِ التَّابعينَ منْ طريقِ قتيبةَ بنِ سعيدٍ الثَّقفيِّ، الّذي يرويهِ عنْ أبي الأحوّصِ، وأبو الأحوصِ هوَسلّامُ بنُ سليمٍ الحنفيُّ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، وبرْويهِ أبو الأحوصِ عنْ أبي حَصينٍ عثمانَ بنِ حصينٍ منْ كبارِ أتْباعِ التَّابعين ، وأبو حصينٍ يرْويهِ عنْ أبي صالِحٍ ذكوانَ السَّمانِ منْ كبارِ التَّابعينَ، لينتَهي سندُ الحديثِ عندَ أبي هريرَةَ عبدُ الرَّحمنِ بنِ صخرٍ الدُّوسيِّ منْ كبارِ الصَّحابةِ المكثرينَ للروايَةِ عنْ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى صفاتٍ تكونُ في منْ كانَ يؤمنُ باللهِ واليومِ الآخرِ، وتنبُعُ منْ خوفِهِ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ وقيامِهِ بما يرضيهِ عزَّ وجلَّ، ومنْ حشيتِهِ منْهُ ومنْ لِقائِهِ يومَ القِيامَةِ حيثُ الجزاءُ والحسابُ والأجرُ والثَّوابُ، وذكر الحديثَ منْها:
- عدمُ إيذاءِ الجارِ: والجارُ قدْ وصَّتْ بهِ الشَّرائِعُ السَّماوِيَةُ بالإحسانِ لهُ والتوودُّدِ لهُ ، ويكونُ هذا الودُّ لأهلِ الإيمانَ بشكلٍ يخْتلِفُ عنْ غيرِهمْ، وفي رواياتٍ أخرَى فليحسن إلى جارِهِ، وفي هذا الدعوةِ أمرُ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ منْ طريقِ نبيِّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بعدَمِ إيذائه، وأنَّ إكرامَهُ وعدَمُ إيذائه منْ صفاتِ المؤمنينَ.
- إكرامُ الضَّيفِ: وإكرامُ الضَّيفِ صفَةُ منَ الصِّفاتِ الّتي أوْجبها الإسلامُ وددعا لها الحديثُ الشَّريف، وإكرامُهُ يخْتَلِفُ منْ ضيفٍ لآخَرٍ حسبَ درجَةِ الإيمانِ والتَّقوَى.
- التَّكلُّمِ بالكلامِ الطَّيبِ الخيِّرِ والبعدِ عنِ السَّيءِ القبيحِ: وفي هذا دعوة للمؤمنينَ بنشر الودِّ والكلامِ الحسَنِ وعدَمِ التَّدَخُلِ فيما ينشُرِ الفتنَةَ والبغضاءَ بينَ النَّاس، وأنْ يسلَمَ النَّاسً منْ لسانِهِ، فالمسلمُ يدعو إلى الخير وينهى عن المنكرِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المُستفادَةِ منَ الحديثِ:
- المؤمنُ يخافُ منَ اللهِ عزَّ وجلَّ ويخشى لِقاءَهُ بقبيحِ العملِ والفعل.
- المؤمنُ يحسنُ إلى الجارِ ولا يؤذيهِ.
- المؤمنُ يكرِمُ الضَّيفَ ويتحلَّى بأخلاقِ الإيمانِ في ذلكَ.
- المؤمنُ داعٍ إلى الخيرِ ناهٍ عنِ المنكَرِ يصلحُ بينَ النَّاسِ، حسنُ الحديثِ، طيبُ المُعامَلَةِ، يبتعدُ عنْ إيقاعِ الفتنةِ بينَ النَّاسِ.