حديث في عذاب القبر

اقرأ في هذا المقال


لقدْ ثبتَ عذابُ القبرِ في كثيرٍ منَ الشَّواهِدِ والنُّصوصِ في القُرآنِ الكريمِ وكثيرٍ منَ الأحاديثِ الشَّريفَةِ، وهنالِكَ كثيرٌ منْ أعمال الإنسانِ تودي بِهِ إلى هذا العذابِ، وسنستعرضُ معكم حديثاُ في أعمال أوجبتْ على أصحابِها عذابَ القبر.

الحديث:

يرْوي الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا قُتيبَةُ، حدَّثَنا جريرٌ، عنِ الأعْمَشِ، عنْ مُجاهدٍ، عنْ طاؤسٍ، قالَ ابنُ عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنْهُما: مرَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على قبرينِ فقالَ: (إنَّهما لَيُعَذّبانِ وما يُعذّبانِ منْ كبيرٍ)، ثُمَّ قالَ: (بلى، أمَّا أحَدُهُما فكانَ يسْعى بالنَّميمَةِ، وأمَّا أحَدُهما فكانَ لا يستَتِرُ منْ بولِهِ). قالَ: ثُمَّ أخَذَ عوداً رَطِباً فكَسَرَهُ باثنتينِ، ثُمَّ غرزَكُلَّ واحِدٍ منْهما على قبرٍ، ثمَّ قالَ: (لعلَّهُ يُخفَّفُ عنْهُما مالمْ ييبَسا). رقمُ الحديثِ: 1378)).

سند الحديث:

الحديثُ يرْويهِ الإمامُ مُحَمَّدُ بنُ إسْماعيلَ البُخارِيُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الجنائِزِ، ويبدأُ سَنَدُ الحديثِ بقُتيبَةَ بنِ سعيدٍ الثَّقفيِّ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ، ويرويهِ قتيبَةُ عنْ جريرٍ وهو جريرُ بنُ عبدِ الحميدِ الضَّبيُّ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، ويرْويهِ جريرٌ عنِ الأعمشِ سليمانَ بنِ مَهرانَ وهوَ منَ التَّابعينَ، ويرويهِ الأعمشُ عنْ مُجاهِدِ بنِ جبر منَ التَّابعينَ أيضاً لِيَصِلَ سندُ الحديثِ في آخرهِ إلى عبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ منَ المُكثرينَ في روايَةِ الحديثِ منَ الصَّحابَةِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.

دلالة الحديث:

يشيرُ الحديثُ إلى ثبوتِ عذابِ القبرِ بتَصريحِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ عندَما مرَّ بقبرينِ، وأخبرَ أصْحابَهُ بوقوعِ عذابِ القبرِ عليْهما، وفي هذا دليلُ واضِحُ وردٌ على ما أنْكرَ عذابَ القبرِ، بوصفِ هذا الحديثِ منَ الصَّحيحِ سنداً ومتناً، كما يشيرُ الحديثُ إلى ما أوْصلَ أصحابُ القبرينِ إلى الوقوعِ في هذا العذابِ منَ الأعْمالِ وهي:

  • عدمُ الإستنزاهِ منَ البولِ: وهو عدمُ الأستنجاءِ والتأكُّدِ منَ الطَّهارَةِ بعدَ قضاءِ الحاجَةِ، وقالَ بعضُ أهلِ العلمِ معناهُ أنَّهُ كانَ لا يستتر منَ النَّاسِ عندَ قضاءِ الحاجَةِ وهذا مخالِفُ لآدابِ الدُّخولِ لبيتِ الخلاءِ.
  • النَّميمَةِ: والنَّميمَةُ هي نقلُ كلامِ النَّاسِ بقصْدِ الفتنَةِ ونشر العداوَةِ بينَ النَّاسِ، وبروايَةٍ أخْرَى هي الغيبَةُ وهو الكلامُ عنِ النَّاسِ بما لا يُحبُّونَ.

وبيَّن الحديثُ أنَّ هذه الأعمالُ قدْ يراها البعضُ هينَةُ وليسَتْ كبيرَةً، لكنَّها أودَتُ بصاحبها إلى عذابِ القبرِ بعدَ الموتِ، وقدْ ذكرَ الإمامُ الذّهبيُّ أنَّهُما منَ الكبائرِ، ثمَّ ذكرَ ابنُ عبَّاسِ في آخرِ الحديثِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ أخذَ بعودٍ رطبٍ أي لم يبلُغْهُ اليباسُ، فقسَمَهُ عودينَ ووضَعَ على كُلِّ قبرٍ واحداً، وأخْبرَ أصحابَهُ بأنَّهُ رُبَّما يخفِّفُ عنْهما مالم يبلغهما اليبسُ، وفي هذا قالَ أهلُ العلمِ أنَّ هذا الفعلُ خاصٌ لصاحبيِّ هذينِ القبرينِ وللنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ولا يؤخَذُ على العُمومِ واللهُ أعْلَمُ.

ما يرشد إليه الحديث:

ممّا يؤخّذ من هذا الحديثُ امورُ منْها:

  • ثبوتُ عذابِ القبِر والرَّدُ على منْكريهِ.
  • عِظَمُ عدَمُ التنزُّهِ والإستتارِ عندَ الدُّخولِ لبيتِ الخلاءِ والنَّميمَةِ وفي هذا نوعُ منْ أساليب التَّرهيب منْ فعلها.
  • خُصوصيةُ فعل النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بوضعِ الغصنِ الأخضرِ بصاحبي القبرينِ.
  • على المسلم الإبتعادُ عنْ كُلِّ عملٍ يودِي بصاحبهِ إلى الوقوعِ في عذابِ القبر.

شارك المقالة: