لقدْ فرضَ اللهُ تعالى الصَّلاةَ على أمَّةِ الإسلامِ، وجعلَ لها منَ الأركانِ والآدابِ ما كانَ المرءُ المسلمُ منفرداً بها بينَ الأممِ، ومنَ الأركانِ الّتي علَّمنا إياها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ استقبالُ القبلةِ أثناءَ أداءِ الصَّلاةِ، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ استقبالِ القبلة.
الحديث:
يروي الإمامُ البخاريُّ يرْحمُهُ اللهُ في الصَّحيحِ: ((حدَّثَنا نعيمٌ، قال: حدَّثَنا ابنُ المباركِ، عنْ حميدٍ الطَّويلِ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (أمرتُ أنْ أُقاتلَ النَّاسَ حتَّى يقولوا لا إله إلَّا اللهُ، فإذا قالوها وصلُّوا صلاتنا، واستقبلوا قبلتنا، وذبحوا ذبيحتنا، فقدْ حُرِّمتْ علينا دِماؤهم، وأموالهمْ إلَّا بحقِّها، وحسابهمْ على اللهِ). رقمُ الحديثِ: 392.
ترجمة رجال الحديث:
الحديثُ يرْويهِ الإمامُ محمَّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصَّحيحِ في كِتابِ الصَّلاةِ، بابُ فضلُ اسْتقبالِ القبلةِ، والحديثُ منْ طريقِ الصَّحابيِّ الجليلِ أنسِ بنِ مالكٍ، وهوَ أبو حمزةَ؛ أنسُ بنُ مالكٍ الأنْصاريُّ المدنيُّ، وكانَ خادماً للنّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهوَ منَ الصّحابةِ المكثرينَ للحديثِ وروايتهِ عنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، أمَّا بقيَّةُ رجالِ الحديثِ فهم:
- نعيمٌ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، نعيمُ بنُ حمَّادِ بنِ مُعاويةَ الخزاعيُّ المروزيُّ (ت:227هـ)، وهوَ منْ تبعِ أتْباعِ التَّابعينَ في روايةِ الحديثِ.
- ابنُ المباركِ: وهوَ أبو عبدِ الرَّحمنِ، عبدُ اللهِ بنُ المباركِ الحنظليُّ التَّميميُّ (118ـ181هـ)، وهوَ منْ كبارِ المحدِّثينَ منْ أتْباعِ التَّابعينَ.
- حميدٌ الطَّويلُ: وهوَ أبو عبيدةَ، حميدُ بنُ أبي حميدٍ الطَّويلِ الخزاعيُّ البصريُّ (68ـ143هـ)، وهوَ منَ الثِّقاتِ المحدِّثينَ منَ التَّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديثُ إلى فضلِ استقبالِ القبلةِ، وهي منْ صفاتِ المسلمينَ الّذينَ عصمهمْ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالإضافةِ إلى منْ شهدوا أنْ لا إلهَ إلَّا اللهُ ومحمَّدٌ رسولُ اللهِ، وأكلوا ذبيحةَ أهلِ الإسلامِ، وهذهِ الصِّفاتُ تبْرئهمْ في دمائهمْ وأموالهمْ، إلَّا منْ تجاوزَ واعتدى على حقِّ الغيرِ، وقدْ بيَّنَ الحديثُ أنَّ هذهِ الصِّفاتِ لا يكتملُ الإسلامُ إلَّا بمنْ استقبلَ قبلةَ المسلمينَ وصلَّى إلى قبلةِ أهلِ الإسلامِ.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الدُّروسِ والعبرِ المستفادةِ منَ الحديثِ:
- فضلُ التَّوجُّهِ للقبلةِ.
- استقبالُ القبلةِ منْ صفاتِ المسلمينَ.
- إنَّ منْ اعتقدَ بالشَّهادتينِ واستقبلَ القبلةَ وأكلَ منْ ذبيحةِ المسلمينَ يعصمُ منَ الاعتداءِ عليهِ بما كانَ منهُ منْ هذهِ الصِّفاتِ المقرونةِ بالأفعالِ.