لقدْ كانَ لأصحاب رسول الله ِصلّى اللهُ عليه وسلّمَ منَ السّيرةِ العطرةِ الّتي لا تزالُ تُدرّسُ للأجيالِ حتى قيامِ السّاعةِ، ولقدْ كانَ لهمْ شرفُ الصّحبةِ وحملِ أمانةِ الإسلامِ معَ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ وبعدهُ، ومنهمْ منْ كانَ منْ أحبِّ النّاسِ إليه عليه الصلاةُ والسّلامُ كزيدِ بنِ حارثةَ وابنه أسامة، وسنعرضُ حديثاً في مناقبهما.
الحديث:
يروي الإمام البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا خالدُ بنُ مَخلدٍ، حدّثنا سليمانُ، قال: حدّثني عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما، قال: بعثَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ بعثاً، وأمّرَ عليهمْ أُسامةَ بنَ زيدٍ فطعنَ بعضُ النّاسِ في إمارتهِ، فقالَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “أنْ تطعنوا في إمارتهِ فقدْ كنتمْ تطعنونَ في إمارةِ أبيه منْ قبلُ، وأيمُ اللهِ، إنْ كانَ لخليقاً للإمارةِ، وإنْ كانَ لأحبُّ النّاسِ إليَّ، وإنَّ هذا لمنْ أحبِّ النّاسِ إليَّ بعدهُ”. رقمُ الحديث:3730)).
ترجمة رجال الحديث:
الحديث المذكورُ أوردهٌ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيل البخاريُّ في الصّحيح في كتابِ فضائلِ أصحابِ النّبيِّ، بابُ مناقبِ زيدِ بنِ حارثةَ، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ عمرَ بنِ الخطّابِ القرشيُّ العدويُّ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا رجالُ سندِ الحديثِ الآخرونَ:
- خالدُ بنُ مَخلدٍ: وهوَ أبو الهيثمِ، خالدُ بنُ مَخْلدٍ القطوانيُّ (ت:213هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- سليمانُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ بلالٍ القرشيُّ التّيميُّ (ت:177هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منْ أتباع التّابعينَ.
- عبدُ اللهِ بنُ دينارٍ: وهوَ أبو عبدِ الرّحمنِ، عبدُ الله بنُ دينارٍ القرشيُّ العدويُّ (ت:127هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث:
يشيرُ الحديث النّبويُّ إلى مناقبِ الصّحابيِّ الجليلِ زيدِ بنِ حارثةَ وابنهِ أُسامةَ رضيَ اللهُ عنهما، وقدْ بيَّن الحديثُ قصّةَ البعثِ الّذي أمّرَ عليهِ أسامةَ وهوَ بعثُ الجيشِ في وقتِ مرضهِ عليه الصّلاةُ والسّلام، فلمّا أمّر أسامةَ على البعثِ وصلَ إلى النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في كلامِ النّاسِ ونقدهمْ في توليتهِ، فبيّنَ لهمُ النّبيُّ عليه السّلامُ منزلةَ أبيهِ منْ قبلِهِ ومنْ كانوا يطعنونَ في ولايتهِ، وبيّنَ أنّهُ منْ أحسنِ النّاسِ وأجدرهمْ بالولايةِ والإمارةِ وأنّهُ كانَ منْ أحبِّ النّاسِ إليهِ، وأنَّ أسامةَ مثلهُ وإنّهُ منْ أحبِّ النّاس إلى النّبيِّ، ومنَ المعلومِ منزلةُ زيدِ بنِ حارثةَ عندَ رسول اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ فقدْ كانَ يدعى بزيدِ بنِ محمّدٍ قبلِ أنْ يبطلَ الإسلامُ التّبنّي، وكانَ يطلقُ عليهِ بحِبِّ رسولِ اللهِ، ثمَّ ما لبثَ أنْ ماتَ حتّى أُطلقَ على أُسامةَ ابنهِ بحِبِّ حِبِّ رسول الله.
ما يرشد إليه الحديث:
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- فضلُ الصّحابةِ بقربهمْ منَ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ.
- فضلُ زيدِ بنِ حارثةَ وابنهِ أُسامةَ وحبِّ النّبيِّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ لهما.