لقدْ جاءَ في الحديثِ النّبويِّ الكثيرُ منَ الشّواهدِ الّتي تبيّنُ أحكامَ الصّيامِ، كما بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ ما جاءَ عامّاً في القرآنِ كمبطلاتِ الصّيامِ ومباحاتهِ، ومنْ مبطلاتِ الصّيامِ في رمضانَ الجماعُ في نهارهِ، وهوَ منَ المحرّمات، ومنْ وقعَ في هذه المعصيةِ فعليه الكفّارةُ، وسنتناولُ حديثاً في كفارتها.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا محمّدُ بنُ محبوبٍ، حدّثنا عبدُ الواحدِ، حدّثنا معمرٌ، عنْ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ قال: جاءَ رجلٌ إلى رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، فقال: هلكتُ. فقالَ: “وما ذاكَ؟”. قال: وقعتُ بأهلي في رمضانَ. قال: “تجدُ رقبةً؟”. قال: لا. قالَ: “فتستطيعُ أن تصومَ شهرينِ متتابعينِ؟”. قال: لا. فتستطيعُ أنْ تطعمَ ستينَ مسكيناً؟. قال: لا. فجاءَ رجلٌ منَ الأنصارِ بعَرْقٍ ـ والعرقُ: المكتلُ ـ فيه تمرٌ، فقال: “اذهبْ بهذا فتصدّقْ به”. قال: على أحوجٍ منّا يا رسولَ اللهِ، والّذي بعثكَ بالحقِّ ما بينَ لابتَيْها أهلُ بيتٍ أحوجُ منّا. ثمَّ قال: “اذْهبْ فأطْعمهُ لأهلكَ”)). رقمُ الحديث: 6710.
ترجمة رجال الحديث
الحديث المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ كفّاراتِ الأيمانِ، باب: (منْ أعانَ المعسرَ في الكفارةِ، والحديث جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرة رضيَ اللهُ عنه، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ عنْ رسولِ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وبقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- محمّدُ بنُ محبوبٍ: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، محمّدُ بنُ محبوبٍ البنانيُّ (ت:222هـ)، وهوَ من ثقات رواية الحديثٍِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عبدُ الواحدِ: وهوَ أبو بشرٍ، عبدُ الواحد بنُ زيادٍ العبديُّ (ت: 167هـ)، وهوَ من رواة الحديثِ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- معمرٌ: وهوَ أبو عروةَ، معمرُ بنُ راشدٍ الأزْديُّ (96ـ150هـ)، وهوَ منَ الثّقات الرّواةِ للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الزّهريُّ: وهوَ أبو بكرٍ، محمّدُ بنُ مسلمٍ الزّهريُّ (50ـ125هـ)، وهوَ منْ من كبار التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديث.
- حميدُ بنُ عبدِ الرّحمن: وهوَ أبو إبراهيمَ، حميدُ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (32ـ95هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في رواية الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى كفّارةِ الإفطارِ في رمضانَ بسببِ الجماعِ بينَ الزّوجينِ، ومنَ المعلومِ أنَّ الإفطارَ في نهارِ رمضانَ بالجماعِ منَ الكبائرِ الّتي تستحقُّ الكفّارةَ، وهوَ ما أرشدَ به النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ للرّجلِ الّذي جاءَ سائلاً له، وقدْ بيّنَ النّبيُّ عليه الصّلاةُ والسّلامُ في الحديثِ أنّها تتدرّجُ منْ عتقِ رقبةٍ، ثمَّ إذا لمْ يجدْ فصيامُ شهرينِ متتابعينِ، فإنّ لمْ يجدْ فإطعامُ ستينَ مسكيناً، كما بيّنَ الحديثُ جوازَ التّصدّقِ للرّجلِ الّذي عليه الكفارةِ في تنفيذها وهوَ ما جاءَ في الحديثِ في إعطاءِ الرّجلِ وعاءَ التّمرِ ليتصدّقَ به.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرمةُ الإفطارِ في رمضانَ بغير عذرٍ.
- كفارة الإفطارِ في رمضان بسبب الجماعِ هوَ عتقُ رقبةٍ أو صيامُ شهرينِ عند عدمِ الاستطاعةِ، فإنْ لمْ يستطعْ فعليه بإطعام ستينَ مسكيناً.
- جواز التّصدّق للمعسر في الكفّارة.