لقدْ جعلَ الإسلامَ الحفاظَ على النّفسِ الإنسانيةِ منْ ضروراتِ الإسلام، وحرّمَ قتلَ النّفسِ إلّا بأسبابٍ تبيحُ لوليِ الأمرِ أنْ يقتصَّ منها، كما جعلَ نفسَ المسلمِ محرّمةً على غيرهِ، لا يحلُّ قتلها والمساسُ بها إلّا بحالاتٍ ذكرها النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، وسنعرضُ حديثاً في ما يحلُّ به قتلَ المسلم.
الحديث
أوردَ الإمامُ البخاريُّ يرحمهُ اللهِ تعالى في صحيحه: ((حدّثنا عمرُ بنُ حفصٍ، حدّثنا أبي، حدّثنا الأعمشُ، عنْ عبدِ اللهِ بنِ مرّةً، عنْ مسروقٍ، عنْ عبدِ اللهِ قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لا يحلُّ دمُ امرئٍ مسلمٍ يشهدُ أنْ لا إله إلّا الله، وأنّي رسولُ اللهِ إلّا بإحْدى ثلاثٍ: النّفسُ بالنّفسِ، والثّيّبُ الزّاني، والمارِقٌ منَ الدّينِ التّاركُ للجماعة”)). رقمُ الحديث:6878.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ محمّدُ بنُ إسماعيلَ البخاريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الدّيّاتِ، بابُ: (قولُ الله تعالى: أنّ النّفسَ بالنّفسِ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ عبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ الهذليُّ رضي الله عنهُ، وهوَ منَ المكثرينَ في رواية الحديثِ منِ الصّحابةِ، وبقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- عمرُ بنُ حفصٍ: وهوَ أبو حفصٍ، عمرُ بنُ حفصٍ النّخعيُّ (ت:222هـ)، وهوَ منَ الثّقاتِ الرّواةِ للحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- أبو عمر: وهوَ حفصُ بنُ غِياثِ بنِ طلقٍ النّخعيُّ (117ـ194هـ)، وهوَ منْ محدّثي أتباعِ التّابعينَ الثّقاتِ للحديثِ النّبويِّ.
- الأعمشُ: وهو ابو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأعمشُ الأسديُّ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ كبارِ مشاهيرِ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- عبدُ اللهِ بنُ مرّةً: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ مرّةَ الهمدانيُّ (ت: 100هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ رواية الحديثِ منَ التّابعينَ.
- مسروقٌ: وهوَ أبو عائشةَ، مسروقُ بنُ الأجدعِ الهمدانيُّ (ت:62هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ التّابعينَ في الحديثِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ إلى حرمةِ النّفسِ المسلمةِ إلّا بحالاتٍ معيّنةٍ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّهُ لا يحلُّ دمُ مسلمٍ يشهدُ بالشّهادتينِ إلّا في ثلاثٍ وهي:
- النّفسُ بالنّفسٍ: وهوَ أنْ يقتلَ غيرهُ بغيرِ سببٍ، فيقامُ عليه حدُّ القتلِ، ومنَ المعلومِ في الإسلامِ أنّ قتلَ النّفسِ يوجبُ القِصاصَ.
- الثّيّبُ الزّاني: وهوَ منْ سبقَ لهُ الزّواجُ الشّرعيُّ وارتكبَ جريمةَ الزّنا، فالإسلامُ يوقعُ عليه حدَّ الرّجمِ حتّى الموتِ.
- المارقُ في الدِّينِ التّاركُ للجماعةِ: وهوَ منْ اعتنقَ الإسلامَ ثمَّ أعلنَ ارتدادهُ عنهُ واعتناقهُ غيرَ الإسلامِ، وقدْ أباحَ الإسلامُ قتلهُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حرمةُ قتلِ المسلمِ منْ غيرِ عذرٍ.
- يقتلُ المسلمُ ويباحُ دمهُ بثلاثٍ: القاتلُ غيرَهُ والزّاني المحصنُ بالرّجم والمرتدِّ عنِ الإسلامِ.