لقدْ جاءَ الإسلامُ ميسّراً لأحوالِ النّاسِ، حاثّاً على مساعدة الآخرينَ في حال الحاجة، فشرعَ الدّينَ بينَ النّاسِ بشروطٍ معيّنة، كما أوجبَ على المؤمنِ إذا تداينَ بدينٍ أنْ يشرعَ إلى سداده، كما ألحقَ الإثمَ بمنْ لا ينوي سدادَ الدّين، وجعلَ نفسَ المؤمنِ إذا مات معلّقةً حتّى يسدّ دينه، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ اللهُ في الصّحيح: ((حدّثنا محمودُ بنُ غيلانَ، قال: حدّثنا أبو أسامةَ، عنْ زكريا بنِ أبي زائدةَ، عنْ سعدِ بنِ إبراهيمَ، عنْ أبي سلمةَ، عنْ أبي هريرةَ، قال: قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “نفسُ المؤمنِ معلّقةٌ بدَيْنِه، حتّى يُقضى عنهُ”)). حكمُ الحديثِ صحيح، ورقمهُ1078.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى بنِ سورةَ التّرمذيُّ في الجامع الصحيح، في أبواب الجنائز عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، بابُ: (ما جاءَ عن النّبيِّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّه قال: نفسُ المؤمنِ معلّقةُ بدَينِه حتّى يقضى عنه، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديث، أمّا بقيةُ سندِ الحديثِ منَ الرّجال:
- محمود بن غيلان: وهوَ أبو أحمد، محمودُ بنُ غيلانَ العدويُّ (ت: 239هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديث منْ تبعِ أتباع التّابعين.
- أبو أسامة: وهوَ حمّادُ بنُ أسامةَ القرشيُّ الهاشميُّ (121ـ201هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منْ أتباع التّابعينَ.
- زكريا بن أبي زائدة: وهوَ زكريا بنُ خالدِ بنِ ميمونَ الهمدانيُّ (ت: 147هـ)، وهوَ منْ رواة الحديث منْ أتباع التّابعينَ، قيلَ ليس به بأسُ، وقيلَ صويلحٌ، وقيلَ ثقةٌ.
- سعد بن إبراهيمَ: وهوَ أبو إسحاقَ، سعدُ بنُ إبراهيمَ الزّهريُّ (55ـ125هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منَ التّابعينَ.
- أبو سلمة: وهوَ أبو سلمةَ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ عوفٍ القرشيُّ (ت: 93هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعين المحدّثينَ عنِ الصّحابة.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى أهمّيةُ سدادِ الدّين في حساب المؤمنِ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ أنّ نفسَ المؤمنِ معلّقةُ حتّى يقضى عنه الدّينُ، وذهبَ أهلُ العلمِ إلى أنّ ذلكَ فيمنْ تركَ مالاً ، أمّا منْ استدانَ وكانتْ عندهُ النّية في السّدادِ وماتَ ولمْ يقضِ الدّينَ فاللهُ قاضٍ عنهُ كما وردَ في شواهدَ منَ الحديث، ويؤخذُ منْ هذا الحديثِ أهمّيةُ سدادِ الدينِ، وحرصِ الإسلامِ على حقوقِ العباد وتيسير أحوالهمْ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائد منَ الحديث:
- حرص الإسلام على حقوقِ العباد وأموالهم.
- وجوبُ سداد الدّين، وأنّ المؤمنَ يعلّقُ عن الحساب بالدّينِ.