عندما كان الله تعالى يبعث رسولاً لأي قوم من الأقوام، كانوا يُعاندون ويُكذبون، ولا يتبعون، فكان منهم مَن يجحد ويُكذب ويُنكر وجود الله تعالى وصدق رسالات الأنبياء، ومنهم مَن كان يطلب من ذلك الرسول إثباتاً، كدليل على صحة نبوته، فما حكم الكفر بالرسل؟ وكيف نثبت النبوة بالدليل؟
حكم الكفر بالرسل
إنّ مَن يكفر برسول واحد ممن بعثهم الله تعالى، يكون وكأنه قد كفر بكافة أنبياء الله ورسله، والدليل على ذلك قول الله تعالى عندما تحدث عن تكذيب قوم نوح لنوح _عليه السلام_، حيث قال تعالى: “كَذّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ” سورة الشعراء 105، وكذلك قوله تعالى عن قوم عاد، فقال: “كَذّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ” في سورة الشعراء 123، وقوله تعالى: “كَذّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ” سورة الشعراء 160.
إنّ ما علمناه أنّ كل أمة بُعث إليها رسولاً، وأنّهم كذّبوا الرسول الذي بُعث إليهم، والتكذيب برسول واحد يُعتبر عند الله تعالى نكران لجميع الرسل والرسالات، فالرسل جميعاً جاؤوا بدعوة واحدة، ودعوا إلى دين واحد، مبعوثون من إله معبود واحد، بشروا بعضهم ببعض، وصدّقوا بعضهم أمام أممهم وأقوامهم.
لذا يجب علينا الإيمان بالرسل جميعاً، وألّا نكذّب بعضهم ونؤمن ببعضهم، لأنّ ذلك يُعد كفراً عند الله تعالى، قال تعالى: “إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً* أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً”سورة النساء 150-151.
كما أوجب الله تعالى الإيمان بالرسل جميعاً وعدم التفريق بينهم، قال تعالى: “قُولُوَاْ آمَنّا بِاللّهِ وَمَآ أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىَ وَعِيسَىَ وَمَا أُوتِيَ النّبِيّونَ مِن رّبّهِمْ لاَ نُفَرّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُون” سورة البقرة 136.
وأثنى الله عز وجل على نبيه محمد _عليه الصلاة والسلام_ ومَن آمن معه، لأنهم آمنوا بالرسل والأنبياء جميعاً، ووعدهم الله تعالى بالأجر والثواب الجزيل، بخلاف بعض الأمم والأقوام الذين آمنوا بالرسول المبعوث إليهم، ولم يؤمنوا بباقي الرسل والأنبياء.
الإيمان بالرسل بعد إثبات نبوتهم
والإيمان بالرسل واحد من أركان الإيمان بوجود الله تعالى، فمن يؤمن بالله تعالى، يُؤمن بأنه أرسل إلى عباده رسلاً وأنبياء، يحملون رسالاته، ويدعون إلى عبادته وتوحيده، رغم اختلاف الشرائع والأحكام.
ولا نؤمن بأسماء الأنبياء غير المذكور بهم دليلاً أو نصاً شرعياً ثابتاً يُثبت نبوتهم، فقد أخبر بعض الأقوام بأسماء أنبياء لم يرد بهم دليلاً من القرآن الكريم أو السنة النبوية، وهذا لا يصح الأخذ به؛ لأنه خبر قد يحتمل الصحة والخطأ.