إنّ المسلمين في أغلب البلدان يُعانون من ظروف سيئة بسبب الحروب، فقد لا يستطيع أحدهم توفير قوت يومه؛ لذلك يُقدِم المسلمون في البلدان الأخرى من أصحاب الأموال، على إرسال زكاة أموالهم لهؤلاء المسلمين، لمساعدتهم في توفير حاجياتهم ومتطلبات أسرهم، عن طريق إقامة مشروعات زراعية أو صناعية في تلك البلدان لمصلحة المسلمين، أو مساندتهم في الدفاع عن أموالهم وأنفسهم، فما حكم ذلك بالنسبة لأحكام الزكاة؟
حكم دفع الزكاة للمسلمين في بلد الحرب:
أجاز الفقهاء إرسال الزكاة للمسلمين الفقراء في بلد الحرب، ممن يعيشون في البلدان التي تقع في نفس القطر الذي يعيشون فيه، مع عدم نسيان الفقراء الذين يعيشون معهم في بلدهم، فرغم وجود عدد من المسلمين الفقراء والمحتاجين في غير بلاد الأغنياء من المسلمين، إلّا أنه يوجد الكثير من الفقراء في بلدهم، لذلك عليهم أن يسدوا حاجة الفقير القريب ويكفونه عن السؤال، ثم يتابعون أوضاع الفقراء من المسلمين خارج بلادهم.
وأصدرت مجالس الإفتاء في بعض البلدان الإسلامية، فتوى بجواز إرسال أموال الزكاة لدعم المسلمين في بلاد الحرب، كونهم يعيشون في بلد حرب وقد يتعرضون للخطر إذا بحثوا عن العمل الذي يجدون به مصدر رزقهم؛ بسبب خطورة العمل في أجواء الحروب، وهم غير قادرين على توفير حاجياتهم الضرورية، كما أن بعضهم يعيل أعداداً كبيرة من أفراد أسرهم.
واعتبر علماء الفقه المعاصرون أنّ المسلمين في بلد الحرب، من المستحقين لأموال الزكاة، على أنهم من ضمن نطاق المصارف المستحقة لأموال الزكاة، الذين ذكرهم الله تعالى في آية مصارف الزكاة، قال تعالى: “إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً منَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ”سورة التوبة 60.
ويستحق المسلمين في بلد الحرب أموال الزكاة، من مصرف في سبيل الله؛ لأن بعضهم يقاتل في سبيل المحافظة على دينه، والقتال في سبيل حماية الدين يندرج تحت مضمون في سبيل الله.
وعلى المسلمين بذل أقصى جهودهم لدعم هؤلاء المسلمين، في الحفاظ على دينهم وأعراضهم وأنفسهم، من خلال كافة الوسائل والأساليب التي تسهم في دعمهم ومساعدتهم، مع عدم ترك الفقراء والمحتاجين الذين يعيشون معهم في بلدهم.