حكم زكاة الحساب الجاري

اقرأ في هذا المقال


فرض الله تعالى الزكاة في المال النامي الذي يحول عليه الحول عند صاحبه، وتعددت الأشكال والأوضاع التي يكون عليها المال الذي تجب فيه الزكاة، وكان لكلّ شكل أو وضع من هذه الأوضاع نصاب محدد، يجب أن يبلغه مقدار المال، حتى يجب إخراج نسبة محددة منه للزكاة، فإذا كان المسلم قد أودع ماله في مصرفٍ ما على شكل حسابٍ جارٍ، فكيف يتم إخراج زكاة الحساب الجاري إذا كانت الزكاة واجبة فيه؟

ما هو الحساب الجاري؟

الحساب الجاري هو أن يودع المسلم المال الذي لديه في مصرف ما، ويكون هذا الحساب تحت طلب المودع، فيستطيع السحب والإيداع في أيّ وقت، ويمكنه تغطية ما يترتب عليه من ديون من هذا الحساب بالطرق الإلكترونية، أي يتميّز بالسيولة المصرفية.

ما هو تكييف الحساب الجاري؟

كان في تكييف الحساب الجاري عند الفقهاء، قولان، أولهما: أنه عبارة عن قرض يقوم صاحبه بإقراضه للمصرف، من خلال إيداعه فيه، وكان هذا القول الأكثر اعتماداً عند أغلب الفقهاء المعاصرين. ومؤيّدين قولهم بأنّ المصرف الذي يتم إيداع المال فيه على شكل حساب جارٍ، يكون له الحق في استعمال هذا المال والتصرف فيه، وبالمقابل يكون على استعداد دائم، لرد المال المودع في حال طلبه صاحبه، وعلى المصرف ضمان ذلك، كما أنّ الحساب الجاري في المصارف يأخذ اسم الوديعة ويُسمّى بالمال المودع، إلّا أنّه لا يتكيّف بمضمون الوديعة الشرعية.

أمّا القول الثاني، ففيه تمّ تكييف الحساب الجاري بمعنى الوديعة، وبرّر أصحاب هذا الرأي أنّ الحساب الجاري في المصرف الإسلامي، يكون تحت طلب المودع، حيث يقوم بسحب ما له من مالٍ مودَع في المصرف، في أيّ وقت شاء دون وقوف المعاملة على أي شرط.

والرأي الراجح في ذلك أنّ المضمون الشرعي للأموال المودعة كحسابات جارية، يتوافق مع مضمون القرض، حيث يُدفع الشخص المودع ماله للمصرف، ليعمل به وينتفع منه، على أن يضمن ردّ المبلغ المودَع لصاحبه في أي وقت يطلبه.

ما حكم زكاة الحساب الجاري؟

بناءً على ما سبق يتبيّن لنا أنّ الحساب الجاري مال مقترض، أي دَين في ذمّة المصرف، وبما أنّ المصرف قادر على سداد الدّين، دون مماطلة أو تأخير، فيأخذ الحساب الجاري حكم زكاة الدَّين في زكاته.

فتجب الزكاة في الحساب الجاري على المودع، فالمال هنا من الديون التي تكون في يد صاحبها، وليس هناك أيّ عائق من حصول المقرض على ماله، لذلك يجب عليه إخراج زكاة ماله، إذا حال عليه الحول، وحتى تجب الزكاة في الحساب الجاري، لا بدّ من توفّر الشروط اللازمة لوجوب الزكاة.

وقد يتعذّر على المودع ضبط أحوال ماله من حيث بلوغ النصاب على مدار الحول، بسبب كثرة حركة المال من سحب وإيداع، ولحلّ مثل هذه المشكلات، على المودع بتحديد وقت معيّن خلال السنة، يقوم به بحساب ما لديه من مال، وإخراج الزكاة الواجبة في ماله، وإن حصل أي زيادة في المال بعد ذلك، فلا مشكلة بها؛ لأنّ المودِع سيقوم بتزكيتها في السنة القادمة.


شارك المقالة: