رؤية المخطوبة

اقرأ في هذا المقال


حكم رؤية المخطوبة

يجوز للخاطب أن ينظر للمخطوبة، ويحق له الجلوس معها، وأن يكلمها، حتى لو تكرر ذلك أكثر من مرَّة،ما دام متردداً، فذلك كله بهدف الوصول إلى قناعةٍ تامة بها. وقَبول كلٍّ منهما بالآخر، وشريطة أن يكون ذلك دون خلوة، وأن يكون في حدود الكلام المباح والمعتاد.


فإذا جزم على الخطبة أو عدمها، رجع الحكم إلى الأصل؛ وهو تحريم النظر إليها؛ لأنَّ سبب الإباحة هنا قد زال . ويدل على هذا قوله عليه الصلاة والسلام :” إِذَا خَطَبَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ ، فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مَا يَدْعُوهُ إِلَى نِكَاحِهَا فَلْيَفْعَلْ”. رواه أبو داود وحسنه الحافظ ابن حجر في “فتح الباري”.


قال الشيخ ابن عثيمين: يجوز أن يكرر النظر إليها. فإذا كان في أول مرَّة ما وجد ما يدعوه إلى نكاحها ، فلينظر مرَّة ثانية، وثالثة. الشرح الممتع.


وقال الشيخ ابن باز: يجوز للرجل إذا أراد خِطبة المرأة فله الحق يتحدث معها، وأن ينظر إليها ولكن بدون خلوة، فإذا كان الكلام معها فيما يتعلق بالزواج والمسكن وسيرتها وما شابه، حتى تعلم مالها وما عليها ، فلا بأس بذلك إذا كان يريد خطبتها.

ما هي شروط جواز النظر إلى المخطوبة

  • أن يكون بلا خلوة بينهما، وبلا شهوة، فإن نظر لشهوة فهو يُحرم؛ لأنَّ المقصود الآن هو الاستعلام وليس الاستمتاع.
  • أن يضع في باله أنَّهم سيجيبونه سواء بالقبول أو بالرفض، فإذا غلب على ظنِّه أنَّهم سيرفضون فلا يجوز له النظر.
  •  أن ينظر إلى ما يظهر غالباً، وهو الوجه والكفين.
  • أن يكون عازماً على الخطبة، أمّا إذا كان يريد أن يجول في النساء هذا حرام، فقد يقول: أخطب هذه وأراها، ثم أخطب الثانية وأراها، ثم أخطب الثالثة وأراها، ثم أخطب العاشرة وأراها، ثم أقوّم الجميع وأختار أجملهن وأتزوجها، وهذا حرام لا يجوز، وفيه جولان على النساء بغير حق، وهذا شيء لا ينتهي، فربما يختار من عشرين، وربما يقول من خمسين، وربما يرى مئة.
  • ألّا تظهر المرأة متبرجة أو متطيبة، كما تفعله بعض الفتيات في الخِطبة، فلا يجوز لها أن تتطيب،
    ولا أن تتبرَّج؛ لأنَّها أجنبية، وظهورها في ذلك المظهر مفسدة، ثمَّ إنْ تزوجها فوجدها على غير البهاء
    الذي كانت عليه به، والتبرج الذي دلست به، ماذا سيحصل في نفسه.

من الذي يحل له النظر

يحل نظر الصبي غير البالغ والمجنون والمستكره، لعدم الشهوة، ولقوله تعالى:“أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء”.سورة النور :31.ويحل النظر منها بعين غير أولي الإربة، لقوله تعالى:“ولا يبدين زينتهن إلَّا لبعولتهن”النور :31″.أو التابعين غير أولي الإربة”. 


والمراد بالإربة هنا: الحاجة إلى النساء. والمقصود بالتابعين: هم الذين يتبعون الناس حتى ينالوا من فضل طعامهم، من غير أن تكون لهم نساء، ولا ميلٌ لهن.واختلف السلف وأئمة المذاهب في تعيين المراد بغير أولي الإربة من الرجال، فقال ابن عباس:هو المخنث:الذي لا يقوم عليه آلة. وقال مجاهد وقتادة: الذي لا إرب له في النساء. وذهب الشافعية إلى أنَّ المخنَّث: هو المتشبه بالنساء، والمحبوب: وهو مقطوع الذكر فقط، والخصي: وهو من بقي ذكره دون أنثييه، والخنثى المشكل، حكمهم حكم الرجل العادي.


وقال الحنفية كالشافعية في “المخنث”: لا يجوز له النظر، بدليل ما روته عائشة، قالت: كان يدخل على أزواج النبي صلّى الله عليه وسلم مخنث، فكانوا يعدونه من غير أولي الإربة، قالت: فدخل رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم، وهو ينعت امرأة، قال: إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال: أرى هذا يعرف ما ههنا، لا يدخل عليكن، فحجبوه” رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي.


هذا يدل على أنَّ النبي صلّى الله عليه وسلم” حظر دخول المخنث على نسائه؛ لأنَّه وصف امرأة أجنبية بحضرة الرجال الأجانب، وقد نهى الرجل أن يصف امرأته لغيره، رواه بخاري ومسلم. فكيف إذا وصفها غيرهُ من الرجال؟ وذهب المالكية والحنابلة إلى أنَّ” المجوب والكبير والعنِّين من أولي الإربة”، ومثلهم من ذهبت شهوته لمرض لا يرجى برؤه، ودليلهم نفس قصة المخنث السابقة التي يفهم منها أنَّ الشريعة رخصت في ذلك للحاجة الماسة إليه، ولقصد نفي الحرج به.

النظر للمرأة لحاجة

يباح للضرورة أو للحاجة وبقدر الحاجة نظر الرجل للمرأة الأجنبية في أحوال الخطبة والمعاملة في بيع وإجارة وقرض ونحوها، والشهادة، والتعليم، والاستطباب، وخدمة مريض أو مريضة في وضوء واستنجاء وغيرهما، والتخليص من غرق وحرق ونحوهما، وكذا عند الحنابلة حلق عانة من لا يحسن حلق عانته، ونحوها؛ وذلك بقدر الحاجة؛ لأنَّ ما جاز للضرورة يقدر بقدرها، فينظر عند الشافعية في المعاملة إلى الوجه فقط، وعند الحنابلة:


 إلى الوجه والكفين، ولا يزاد على النظرة الواحدة إلّا أن يحتاج إلى ثانية للتحقُّق، فيجوز. وليكن النظر في أحوال الحاجة هذه مع حضور محرم أو زوج؛ لأنَّه لا يأمن مع الخلوة مواقعة المحظور، ويستر منها ما عدا موضع الحاجة؛ لأنَّها على الأصل في التحريم.


شارك المقالة: