مفهوم علم الحديث ومكوناته
قرأنا أنَّ الحديث الشريف هو : كل ما روي عن النبي صلّى الله عليه وسلم من قولٍ أو فعلٍ أو تقريرٍ أوصفةٍ خُلُقِيَّة أو خَلْقِيَّة، وهو مفهوم أشمل من السنّة النّبويّة الشريفة، لأنّه يشمل حتى صفات النبي صلى الله عليه وسلّم الخَلْقِيَّة، كلون بشرة النبي صلى الله عليه وسلم، وطوله ويديه، وهذه قد تخرج عن سياق الاقتداء والقدرة عن الاقتداء بها .
ولأهميّة الحديث الشَّريف كمصدر ثانٍ في التَّشريع الإسلامي،اهتمّ طلبة الحديث الشَّريف علماء ومؤلفين ومدوّنين وطلبة علمٍ به، فجعلوا له منهاجاً لدراسته او تحقيقة من حيث السَّند والمتن، فالسَّند كما تعرفون هو : سلسلة الرُّواة الّذين يروون عن النّبي صلى الله عليه وسلم، وهم طبقات، تبدأ من طبقة الصّحابة ثمَّ يليها طبقة التَّابعين، ثمَّ طبقة تابعي التَّابعين إلى من دوّنوا الحديث الشَّريف، والمتن هو : ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من اللفظ والمعنى والتقرير والفعل والصِّفة.
أقسام الحديث الشريف من حيث السند والمتن
قَسَّم العلماء الحديث النبويَّ الشّريف من حيث السند والمتن إلى قسمين : علم الحديث دراية وعلم الحديث رواية، ووضعوا لكل منهما شروطاً تحت مجهر القبول والتدوين، فأمَّا علم الحديث دراية وهو كماتعلمون ما يبحث في السَّند وهو سلسلة ناقلي الحديث الشَّريف، فاشترطوا فيمن يُقْبَل حديثه شروطاً، باعتبار أنََّ الإسناد طريق مهم لنقل الرِّواية والتثبُّت منها، وهوالطَّريق الوحيد الّذي أجاز الإسلام فيه الغيبة المشروعة، بأنْ تتكلَّم في حال الرواة،لأنَّه لايتم حفظ الدين إلا به، وما لايتم الواجب إلا به فهو واجب، وهي قاعدة فقهيَّة، فوضعوا القواعد في دراسة حال رواة الحديث الشَّريف، والتكلُّم فيهم جرحاً وتعديلاً، فاشترطوا في الرُّاوي شروط العدالة والضَّبط، أمّا العدالة للراوي بأن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً راشداً،وأضاف بعضهم بأنْ يكون خالياً من خوارم المروءة، وأمَّا الضّبط بأن يكون الرَّاوي سليماً من الخطأ والنسيان، وشبهة الكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، ثمَّ بعد ذلك يطلبون شروطاً أخرى في نقل الحديث الشَّريف، كإثبات المعاصرة والإلتقاء للراوي بمن سمع منه ونقل عنه الحديث، وهذه كلٌّها في دراسات علم دراية الحديث، ومن العلماء من تفرّغوا لهذا العلم وألفوا فيه، ومنهم البخاري وأصحاب السُّنن فكانوا يذكروون الحديث متكلمين في صفة الرَّاوي.
أمَّا علم رواية الحديث: وهو العلم الّذي يبحث في المتن وهو ما أضيف إلى رسول الله صلّى الله علية وسلم، فبحثوا فيه وضبطوه نقلاً وتحريراً للألفاظ، مشترطين أَن لايكون مخالفاً لمن هو أضبط منه من القرآن والحديث الأصحّ، وأن لا يكون شاذّاً، مخالفاً للعقل والمنطق إذا ضعف أي كان الحديث ضعيفاً.
الخلاصة
ومن هنا نلمس جهوداً جبّارة لعلماء الحديث الّذين أوصلوا الحديث الشَّريف إلينا منقّحاً، وذلك لأنَّهم يعلمون كل العلم بأهميَّته في حياتنا كمصدر للتشريع بعد القرآن الكريم، فجزاهم الله عنّا وعن أمة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلّم خير الجزاء.