إنّ للحديث النبويّ مصنَّفات صُنِّفت عبر رحلة طويلة، مع من نذروا أنفسهم لخدمة هذا الدين، ولحفظ حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الضّياع، لأنّ للحديث النّبويّ الشريف أهمية عظيمة في تبيان أحكام هذا الدين، ومن هذه المصنّفات التي تعد من أهم الكتب التي صنّفت في الحديث الصحيح، صحيح مسلم الّذي يأتي بمرتبة ثالثة بعد القرآن الكريم وصحيح البخاريّ.
نبذه عن الصحيح
هو الجامع أو المسند أو المسند الصحيح، للإمام مسلم بن الحجّاج بن مسلم بن ورد النيسابوريّ، المولود في نيسابور سنة 206 للهجرة والمتوفى سنة 261 للهجرة، وهو من علماء عصرة الجهابذة الأعلام، صاحب الذكاء والفطنة والحفظ والرحلات العلميّة، من أشهر تلاميذ الإمام البخاري رحمه الله، وصحيح إمامنا من أمَّهات كتب الحديث النّبويّ الشريف التي تحرى بها الإمام مسلم فصنّفها تصنيفاً دقيقاً، بين الرحلة في طلب الحديث والاستماع لمن نقلوا الحديث الشريف، وبين قراءته لكتابه على عدد من الأشياخ في زمانه، وإقرارهم له بالتّمام والقبول لكتابه، وقد جلس الإمام مسلم بن الحجّاج في تأليف كتابه الصحيح ما يقارب الخمسة عشر سنة في نيسابور، ولم يروي في كتابه الصحيح كلّ ما وصله من الحديث، بل اختار من كان صحيحاً تحت شروط اشترطها في القبول.
منهج الإمام مسلم في كتابه الصحيح
لقد كان للإمام مسلم بن الحجاج في تصنيف كتابه الصحيح منهجاً قريباً جداً من منهج شيخه البخاري رحمهم الله تعالى، باختلاف بسيط في التكرار، فابتعد عن تكرارالأحاديث، فاشترط في قبول الرواية أن تكون من العدول الثقات المجمع على قبولهم، وبشرط المعاصرة وإمكانية الالتقاء، ورتّب الإمام مسلم صحيحه على الأبواب الفقهية دون تكرار، وجمع الروايات في مكان واحد تحتها، فكان جهداً متواصلاً للإمام مسلم في رحلة حياته القصيرة، التي قضاها بين العلم والعلماء والرحلة في طلب العلم والتأليف.
أهم شروح الصحيح
لقد كان لصحيح الإمام مسلم رحمه الله منزلة دعت العلماء وطلبة العلم لدراسته وتصنيف شروح لهذا الصحيح، ومن شروح صحيح الإمام مسلم التي نذكر بعضها:
1ـ المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجّاج للإمام النووي رحمه الله تعالى.
2ـ صيانة صحيح مسلم من الإخلال والغلط لابن الصلاح رحمه الله تعالى.
وغيرها من الشروح لصحيح إمامنا مسلم بن الحجّاج، جزاه الله عنّا وعن أمَّة محمّد صلّى الله عليه وسلّم خير الجزاء إلى يوم القيامة.