صلاة الفجر تكون عند طلوع الفجر الثّاني، فإذا طلع الفجر الثّاني فقد دخل أول وقت صلاة الصّبح.
وصلاة الفجر ركعتان مفروضتان، لها سُنَّة قبليّة، عددها ركعتان وتسمّى سُنّة الفجر أو سُنّة الصُّبح، أو ركعتي الفجر.
ووقتهما بعد أذان الفجر الدالّ على قرب الصلاة، وسُنّة الفجر ليست بواجبة، وإّنما هي سُنّةُ مؤكّدة واظب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل وحثّ عليها، ولا تطلب صلاتها جماعة بل يصلّيها الشخصُ منفرداً في المسجد أو في بيتهِ.
والأدلة من السُّنَّة مايلي: عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم،أتاهُ سائلٌ يسألهُ عن مواقيت الصّلاة، فلم يردّ عليهِ شيئاً، قال: فأقام الفجر حين انشقّ الفجرُ، والنّاس لا يكاد يعرفُ بعضهم بعضاً…..
ثمَّ أخّر الفجر من الغدِ حتى انصرف منها والقائلُ يقول: قد طلعتِ الشمسُ، أو كادت…. ثمّ أصبح فدعا السائلُ، فقال:(( الوقتُ بين هَذينِ )).
أما الدليل من الإجماع: نقلَ الإجماعُ على أنَّ وقت صلاة الصُّبحِ مابين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس.
ونقل الإجماع على دخول وقتها بطلوع الفجر: ابنُ عبد البّر، والنووي. وحكى ابنُ عبد البّر الإجماع على أن آخر وقتها حين تطلعُ الشمس.
التغليس في صلاة الفجر
الأفضل تعجيل الصّبح في أول وقتها إذا تحقّق طلوع الفجر “وهو التغليس”. والتغليس هو: أداء صلاة الفجر في الغَلسِ، والغلس: هو ظلامُ آخر اللّيل. وهو مذهب الجمهور وهم المالكية.
والشافعية، والحنابلة، والظاهرية، وأيضاً قول طائفة من السلف.والأدلة على ذلك مايلي:
أولاً من الكتاب: قال الله تعالى: (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238) )) ” البقرة”. إنَّ من المحافظة عليها تقديمها في أول الوقت؛ لأنّهُ إذا أخرها عرّضها للفوات.
أيضاً قوله تعالى: (( وَسَارِعُوا إِلَىٰ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133 )) ” آل عمران “. يعني أن المُسارعة إلى الخير والمُسابقة إليهِ أفضل بنصِّ القرآن.
أما الأدلة من السّنة: أخبرنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرني عروة بن الزبير أنَّ عائشة أخبرتهُ قالت: ((كنَّ نساء المؤمنات يشهدنَ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر متلفّعات بمروطهن ثم ينقلبنَ إلى بيوتهن حين يقضينَ الصّلاة لا يعرفهن أحدٌ من الغلس )) ” رواه البخاري ومسلم”.
آخر وقت الفجر
يمتدّ وقت صلاة الفجر اختياراً إلى طلوع الشّمس، وهذا مذهب الحنفية، والحنابلة، والصحيح من قول مالك وهو قول جمهور العلماء من السلف والخلف. والدليل على ذلك من السنة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( من أدرك من الصُّبح ركعةً قبل أن تطلع الشمسُ، فقد أدرك الصُّبح، ومن أدرك ركعةً من العصر قبل أن تغرُب الشمس، فقد أدرك العصر )) ” رواه بخاري ومسلم “.
فهذا الحديث يدلُ على أنّ من صلّى الفجر قبل طلوع الشمس فإنهُ مدركٌ لوقتها؛ فإنّه إذا كان مدركاً لها
بإدراكه منها ركعةً قبل طلوع الشمس، فكيف إذا أدركها كلّها قبل الطلوع؟.
أيضاً عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه، قال: (( كنّا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فنظر إلى القمر ليلةً
يعني: البدر، فقال: إنكم سترون ربَّكم كما ترونَ هذا القمر، لا تُضامون في رؤيتهِ؛ فإن استطعتم ألّا تُغلبوا
على صلاةٍ قبل طلوع الشّمس وقبل غروبها فافعلوا، ثمّ قرأ: (( وسبّح بحمد ربّك قَبلَ طلوعِ الشّمسِ وقبلَ الغروب)) “ق 39 “.
سبب تسمية صلاة الفجر
سُمّيت صلاة الفجر أو صلاة الصُّبح بهذا الاسم : نسبة إلى وقتها الذي تؤدّى فيه، من أول النهار وهو:
الصّبح الذي يتجلى ضياؤه وينتشر في الأُفق، قال تعالى:(( فالق الإصباح)) بمعنى أنّ الله هو الذي شقّ عمود الصب .
عن ظلمة الليل، ووقت هذه الصلاة هو الصبح، والمقصود به: الفجر الصادق، سُمّي فجراً؛ لانفجارِ ضوئه، كما أنها تسمّى أيضاً بصلاة الغَداة، والغَداة: هو الوقت مابين الفجر وطلوع الشمس .
فضل صلاة الفجر
تعدُّ صلاة الفجر من أهمِّ الصلوات الخمس فقد اهتمَّ الله بشأنها، وحثَّ على إقامتها بقوله تعالى
“وقرآن الفجر”. فهناك أحاديث تدلُّ على فضلها منها:
- إنّ أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون مافيهما لأتوهما ولو حبواً.
- من صلى العشاء في جماعة فكأنّما قام نصف الليل، ومن صلّى الصُّبح في جماعةٍ فكأنّما قام الليل كُلَّهُ.
- من صلّى صلاة الصبح فهو في ذمّة الله .
- وأيضاً سُنَّة الصُّبح وهي سنة الفجر قال عنها :” ركعتان الفجر خيرٌ من الدُّنيا وما فيها”.
- قد ثبت في البخاري أنَّ النبي رأى ” أنَّ رجلاً مُستلقياً على قفاهُ وآخرُ قائم عليهِ بصخرةٍ يهوي بها على رأسهِ فيشد في رأسه فتتدهور الحجر، فإذا ذهب ليأخذهُ فلا يرجعُ حتّى يعودَ رأسه كما كان يفعل به مثل المرة الأولى، وهكذا حتى تقوم الساعةُ فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا الذي يأخذ القرآن ويرفضهُ وينامُ على الصلاة المكتوبة”.