طلب التطليق لإخلال بشرط في عقد الزواج أو الضرر

اقرأ في هذا المقال


 طلب التطليق لإخلال بشرط:

تشترط الزوجة على زوجها بعض الشروط وقد يخلّ بها في بعض الأحيان، كأن تشترط عليه أن لا تنتقل معه إلى مقرّ جديد للعمل بعيداً عن موطنها الأصل أو أن لا يتزوج عليها.
وهذه شروط قد لا تناقض ولا هي عائق؛ لأن الزواج وعلى غرار أي التزام تبادلي مع احتفاظه بطبيعته الاستثنائية المستمدة، وخصوصياته من القواعد الشرعية يقوم الإخلال بالشروط المضمنة به مبرراً معقولاً لطلب التطليق وفي هذا الصدد، فقد أقرت المادة 99 من مدونة الأسرة، أن كل إخلال بشرط اتفاقي مضمن فحواه بعريضة عقد الزواج يعتبر مبرراً لطلب التطليق ولكي ينتج هذا الشرط مفعوله وآثاره القانونية يتعين وجوبا ما يلي:
– أن يضمن الشرط صراحة في صلب عقد الزواج مشفوعاً بإشهاد العدلين.
– أن لا يخالف الشرط المذكور مقتضيات القانون أو النظام العام أو الأخلاق الحميدة.
ومن ذلك مثلاً أن تشترط الزوجة في أثناء العقد عليها أن لا يتزوّج عليها زوجها، وإذا فعل يكون أمرها بيدها إلى غير ذلك من الشروط المعتبرة قانوناً وواقعاً وشرعاً، ويعتبر ضرراً مبرراً لطلب التطليق، كل تصرّف مشين أو مخل بالأخلاق الحميدة يلحق بالزوجة إساءة مادية أو معنوية وتجعلها غير قادرة على الاستمرار في العلاقة الزوجية.

طلب التطليق للضرر:

فإذا أضرّ الزوج بزوجته بأي نوع من أنواع الضرر الذي تصعب معه العشرة الزوجية، كأن يضربها ضرباً مبرحاً أو يسبها أو يكرهها على محرم، أو” كل سلوك مشين أو مخل بالأخلاق من سب وقذف وشتم وتشهير، أو أن الزوج يأتي أفعالاً مخلة بالأدب العامة أو القيم الأخلاقية تسبب لها أضراراً مادية أو معنوية حيث تصبح حياتها معه مكدرة واستمرار العلاقة الزوجية مستحيلة”.

التطليق للضرر في الفقه الإسلامي والتشريع القانون:

ذهب الفقه الحنفي والشافعي إلى عدم الأخذ بالتفريق للشقاقِ أو الضرر؛ وذلك لأن الضرر يمكن إصلاحه عن طريق وعظ الزوج أو تحذيره.
أما الفقه المالكي والحنبلي يقول : إذا ادّعت الزوجة الإضرار بها من طرف الزوج وبينت الأمر للقاضي باعتراف الزوج أو بالبينة صحة دعواها فيكون الضرر ممّا يتعذّر معه دوام العشرة، وعجز القاضي عن الإصلاح بينهما ورفض الزوج تسريحها، فبذلك يطلقها منه طلقة بائنة لقوله تعالى:”وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا”،النساء:35. كذلك قوله تعالى: “فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”، البقرة:229. فالتحكيم ضروري فبل التسريح لأن الإمساك بالمعروف
أما بالنسبة للتطليق بسبب الضرر في التشريع، فقد ظلت التشريعات العربية تحتكم إلى الموضوعيّة والمنطق واحترام كرامة الأسرة لما أمرت به الشريعة الإسلامية الغرّاء خصوصاً وأنّ مجال وطرق الاجتهاد تعطي متسّعاً للمُشرع.

إثبات الضرر:

يُثبت الضرّر بجميع وسائل الإثبات الممكنةِ، مثل القرائن وشهادة الشهود الذين يتم الاستماع إليهم من جهة المحكمة.
كما ويثبت بكل وسائل التحقيق التي تراها المحكمة مفيدة، كإجراءات البحث، والمعاينة، والخبرة، وللمحكمة سلطةٌ تقديريةٌ في تقييم الأدلةِ والحجّج المعروضةِ عليها. وتجدرُ الإشارة إلى الاستماع إلى الشهود أو إجراء البحث والتحقيق الذي يقع في جلسةٍ بغرفة المشورة والتي يحضرها أطراف النزاع فقط حفاظاً على أسرار الاسرة.

التطليق لعدم الإنفاق:

يُعتبر إنفاق الزوج على زوجتهِ واجبٌ من الواجبات الملقاة على عاتق الزوج ما دامت الزوجية قائمة حقيقة أو حكماً ينص على ذلك المواد 194 إلى 196 من مدونة الأسرة، وإذا أخلّ الزوج بهذا الواجب يَحقُّ للزوجة اللجوء للقضاء من أجلِ طلب الإنفاق عليها ويحق عند الاقتضاء تطليقها.
غير أن الفقهاء اختلفوا في حُكم التطليق لعدم الإنفاق، أما المُشرع المغربي فقد سمح للزوجة بطلب التطليق بسبب عدم الإنفاق عليها، وهناك موقفين للتطليق سنتعرف عليهما وهما: موقف الفقه من التطليق، وموقف المشرع المغربي من التطليق لعدم الإنفاق.

موقف الفقه من التطليق لعدم الإنفاق:

أقرّ كل من المذهب المالكي والمذهب الحنبلي والمذهب الشافعي التطليق لعدم الإنفاق، ورفضه المذهب الحنفي إلى جانب المذهب الظاهري.

وقد استدلوا الأئمةُ الثلاث لمذهبهم من كتاب الله والسنة الشريفة، فااستدلوا من الكتاب بقوله سبحانه وتعالى:“ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا“، البقرة:231. ولا شك أن إمساك الزوج لزوجته مع الامتناع عن الإنفاق عليها يُلحق بها ضرراً بالغا يبرر تطليقها وفي هذا الشأن يقول تعالى:“فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان”،البقرة:229. أما دليلهم من السنة قوله عليه الصلاة والسلام ” لا ضرر ولا ضرار”.
واستدل أبو حنيفة لمنع التفريق بين الزوجين بسبب عدم الإنفاق بقول الله تعالى:” لينفق ذو سعةٍ من سعته ومن قدّر عليه رزقه فلينفق مما آتاه الله لا يكلف الله نفسها إلا ما أتاها سيجعل الله بعد عسر يسراً”الطلاق: 7.
ويرى أن الحنفية” أنه إذا لم يكن الزوج في هذه ظالماً فلا يجوز أن تظلمه بإيقاع الطلاق عنه، وإن كان موسراً فهو بلا ظالم في امتناعه، ولكن دفعُ الظلم لا يكون بالتفريق، بل هناك طرقٌ أخرى لزجره كبيع ماله جبراً عنه الإنفاق على زوجته أو حبسه لإرغامه على الإنفاق وأيا كان فإن الظلم لا يُرفع بالظلم”.
أما الظاهرية ” فموقفهم يرتكز على أنه لا يوجد نصٌ صريح في الكتاب والسنة يقرر دعوى التطليق لعدم الإنفاق”.
والمشهور في المذهب المالكي” أن المرأة إذا تزوجت وهي تعلمُ بفقر زوجها، لا يمكنها أن تُطالبُ بالتطليق لعدم الإنفاق، وأن المرأة التي لا ينفق عليها زوجها لا تُجبَر على رفع دعوى التطليق لعدم الإنفاق، بل هي مخيرة في ذلك”، كما أن الزوجة التي غاب عنها زوجها لا يمكنها أن تطالب بالتطليق لعدم الإنفاق وإنما يمكنها المطالبة بالتطليق بسبب الغياب، كما نص المشرع في مدونة الأسرة.

موقف المشرع المغربي من التطليق لعدم الإنفاق:

أخذ المشرع المغربي طبقاً لما نصت عليه المادة 102 من مدونة الأسرة بما اتفق عليه الفقه بصدد التطليق لعدم الإنفاق حيث تقاضى المرأة زوجها من أجل الإنفاق عليها، كما يمكنها أن تطلب التطليق لعدم الإنفاق، وفي هذه الحالة فإن المحكمة تقرر وسائل لتنفيذ نفقة الزوجة عليه، إذا كان له مالٌ يمكن استخلاص مبلغ النفقة منه، مثل أنّ يكون تاجراً أو موظفاً أو مستخدماً وله أجر شهري، ففي هذه الحالة لا تستجيب المحكمة لطلب التطليق ما دامت الزوجة ستتسلم مبلغ النفقة. أما إذا أصرّ الزوج على عدم الإنفاق ولم يُثبت العجز فإن المحكمة تطلقها عليه وفي جميع الأحوال فإن الطلاق لعدم الإنفاق يُعتبر طلاقاً رجعياً، حيث يمكن للزوج مراجعة زوجتهُ بعد أن يثبت يُسره واستعداده للإنفاق.


شارك المقالة: