صحابة صحبوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صغاراً، ورأى النبي فيهم من النضوج الفكري ما دعا النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلى السماح لهم بأنْ يكتبوا الحديث النّبوي الشريف، مع عدم السماح للصحابة بكتابته لئلَّا يختلط بالقرآن عندهم،ومن هؤلاء صحابيّنا الجليل عبدالله بن عمرو بن العاص، ابن سيد من سادات قريش قبل الإسلام وسيداً من ساداتهم بعدما أسلم.
اسمه ونسبه وولادته
هو الصّحابي الجليل المحدّث عبدالله بن عمرو بن العاص بن وائل القرشيّ، كان من الّذين هاجروا إلى المدينة المنوّرة متأخراً بعد السنة السابعة للهجرة، وأبوه عمرو بن العاص، سيد من سادات قريش، من هاجر للحبشة ليرجع من هاجر من المسلمين فراراً بدينه إليها، وأسلم عبدالله قبل أن يسلّم أبوه، وقيل أنَّه كان يصغّر أبيه باثني عشر عاماً فقط.
واختلف المؤرخون في كنيته، فمنهم من قال أنّ كنيته أبو عبد الرّحمن، ومنهم من قال أبونصير،وروي أنّه كان يدعى في الجاهلية العاص، ولمّا أسلم سمّاه النبي عبدالله.
كانت ولادة محدّثنا الصّحابيّ عبدالله بن عمرو بن العاص في مكّة المكرّمة حيث إقامة أهله، الّذين كانوا من سادات مكّة، وكانت ولادة عالمنا سنة 616 للميلاد.
جهاده
كان عبدالله بن عمرو ابن العاص من الّذين شاركوا في فتوحات الشّام، وكان ممّن شارك تحت لواء أبيه عمرو في معركة اليرموك، وكان ممّن شارك في معركة صفين بطلب من أبيه، لكنّه لم يقاتل بها، وعاد وندم على ذلك.
روايته للحديث النّبويّ
كان عبدالله بن عمرو بن العاص ممّن ظهر عليهم النبوغ والعقل والذكاء، فسمح له النّبي صلّى الله عليه وسلم من بين كثير من الصّحابة بكتابة الحديث الشريف، وذلك لانتفاء شبهة اختلاط القرآن بالحديث عنده، وكان أبوهريرة يقول : لا أعلم أحداً أعلم مني بحديث النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلّا ما كان من عبدالله بن عمرو بن العاص، فإنَّه كان يكتب ولا أكتب، فكتب في مروياته من حديث النّبي صلّى الله عليه وسلم ( الصحيفة الصادقة)، التي تعتبر من أقدم كتب الحديث في الإسلام.
كان عبدالله بن عمرو بن العاص محباً لكتابة حديث النبي صلّى الله عليه وسلّم، وكان ممّن قرأ القرآن وحفظه، وممّن قرأ التوراة وكان عالماً بها، فلذلك يعتبر عبدالله بن عمرو بن العاص من كبار علماء الصحابة بالرّغم من صغر سنّه.
قد بلغ ما روى الصّحابي عبدالله بن عمرو بن العاص من أحاديث عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم 700 حديث رواها عن النبي وعن غيره من الصحابة كعمر بن الخطّاب، وأبي الدرداء، وعبدالرحمن بن عوف وغيرهم، وروى عن عبدالله بن عمرو الكثير من أمثال : عبدالله بن عمرو بن الخطاب، وسعيد بن المسيّب، وغيرهم ممّن نقلوا عنه الحديث.
وفاته
ورد في وفاة صاحبنا الكثير من الروايات، فمنهم من قال أنّ وفاته كانت سنة 63 للهجرة في مصر ، ومنهم من قال أنّها كانت سنة 65 للهجرة، وبعضهم ذهب إلى سنة 69 للهجرة.
رضي الله عن صاحب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، وجمعنا بهم مع نبيّنا محمد على الحوض يوم القيامة.