ظهور الخسف والمسخ والقذف:
إن من علامات الساعة الصغرى، ظهور الخسف والمسخ والقذف. فعن عائشة رضي عنها؛ قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” يكون في آخر هذه الأمة خسفٌ ومسخٌ، قالت: قلتُ يارسول الله! أنهلك وفينا وفينا الصالحون؟ قال: نعم إذا ظهر الخبيث” سنن الترمذي.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام، قال: بين يدي الساعة مسخٌ وقذف”. فقد جاء الخبر بأن الزنادقة والقدرية يقع عليهم المسخ والقذف.
روى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما؛ قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في أمتي مسخٌ وقذفٌ، وهو في الزندقيةِ والقدرية”. وفي رواية للترمذي: في هذه الأمة، أو في أمتي، خسفٌ أو مسخٌ أو قذفٌ في أهل القدر.
وعن عبد الرحمن بن صحار العبدي عن أبيه، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم:” لا تقوم الساعة حتى يُخسف بقبائل، فيقال: من بقي من بني فلان؟ قال: قبائل، أنها العرب؛ لأن العجم تُنسب إلى قُراها.
وعن محمد بن إبراهيم التّيمي؛ قال: سمعت بقيرة امرأة القعقاع بن أبي حدر تقول: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول:” إذا سمعتم بِجيشي قد خُسف به قريباً؛ فقد أظلّت الساعة” مسند أحمد.
والخسف قد وُجد في مواضع في الشرق والغرب، قبل عصرنا هذا ، ووقع في هذا الزمن كثيرٌ من الخُسوفات في أماكن متفرقة من الأرض، وهي نذيرٌ بين يدي عذابٍ شديد، وتخويفٍ من الله تعالى لعباده، وعقوبةً لأهل البدع والمعاصي كي يعتبر الناس، ويرجعوا إلى ربهم، ويعلموا أن الساعة قد أفت، وأنه لا ملجأ من الله إلى إليه سبحانه وتعالى. وقد جاء الوعيد للعُصاة من أهل المعازف وشاربي الخمور بالخسف والمسخ والقذف.
وروي أن الترمذي عن عمران بن حُصين رضي الله عنه أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال:” في هذه الأمةِ خسفٌ ومسخٌ وقذفٌ، فقال رجلٌ من المسلمين: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: إذا ظهرت القِيانُ والمعازفُ، وشَربت الخمور”. جامع الترمذي.
والمسخُ يكون حقيقياً، ويكون معنوياً: فقد فسرَ الحافظ ابن كثير رحمه الله المسخ في قوله تعالى:”وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ” البقرة:65. بأنه مسخٌ حقيقيٌ، وليس مسخاً معنوياً فقط، وهذا القول هو الراجح، و ما ذهب إليه ابن عباس وغيره من أئمة التفسير.
وإذا كان المسخ معنوياً؛ فإن كثيراً من المستحلّين للمعاصي قد مُسخت قلوبهم، فأصبحوا لا يُفرقون بين الحلال والحرام، ولا بين المعروف والمنكر، فمثلهُم في ذلك كمثل القردة والخنازير، نسأل الله العافية والسلامة، وسيقع ما أخبر به عليه الصلاة والسلام من المسخ، سواء أكان معنوياً أو صوريّاً.