على من تقوم الساعة؟
أولاً: عن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: “درُسُ الإسلامُ كما يدرُسُ وَشيُ الثَّوبِ حتَّى لا يُدرَى ما صيامٌ، ولا صلاةٌ، ولا نسُكٌ، ولا صدَقةٌ، ولَيُسرى على كتابِ اللَّهِ عزَّ وجلَّ في ليلَةٍ، فلا يبقى في الأرضِ منهُ آيةٌ، وتبقَى طوائفُ منَ النَّاسِ الشَّيخُ الكبيرُ والعجوزُ، يقولونَ: أدرَكْنا آباءَنا على هذِهِ الكلمةِ، لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فنحنُ نقولُها فقالَ لَهُ صِلةُ: ما تُغني عنهم: لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَهُم لا يَدرونَ ما صلاةٌ، ولا صيامٌ، ولا نسُكٌ، ولا صدقةٌ؟ فأعرضَ عنهُ حُذَيْفةُ، ثمَّ ردَّها علَيهِ ثلاثًا، كلَّ ذلِكَ يعرضُ عنهُ حُذَيْفةُ، ثمَّ أقبلَ علَيهِ في الثَّالثةِ، فقالَ: يا صِلةُ، تُنجيهِم منَ النَّار ثلاثًا” أخرجه ابن ماجه.
ثانياً: عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوسٍ لعىَ ذي الخلصة وذو الخلصة طاغيةُ دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية” أخرجه البخاري.
ثالثاً: عن عبد الله بن مسعود عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: “لا تقوم الساعةُ إلا على شرار الناس” أخرجه مسلم.
رابعاً: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقول: “إنّ من شرار الناس من تدركهُ الساعةُ وهم أحياءٌ ومن يتخذ القبور مساجد”. أخرجه أحمد.
شرح الأحاديث:
تصف حال الناس الذين تقوم عليهم الساعة؛ حيث يعودون إلى جاهليتهم الأولى برمُوزها؛ وتعود عبادة اللات والعزّة وذي الخلصة، مع اختلاف واضح بين بشرية الجاهلية الأولى، وبشرية آخر الزمان، فالذين تقوم عليهم الساعة هم أكثر أهل الأرض شراً على وجه العموم، ويلحظ من الأحاديث أنهم بالرغم من كفرهم إلا أنّ حطام الدنيا الفاني ييسر لهم، وهذا من باب مدُهم في طغيانهم، ويتضح من الأحاديث أنّ الفاحشة تنتشر في آخر الزمان في الطرقات؛ حيث أشبَهوا البهائم، لذا وصف النبي فعلهم بتسافُد الحمير، كذلك يلحظ من الأحاديث أنّ كل أشكال العبادة الحقة ترفع في ذلك الزمان حتى لا يبقى في الأرض من يقول كلمة الله، وهذا فيه إشارة إلى طباق الشر.
توصيف الفاحشة بهذا الشكل في ذلك الزمان متصور حال فساد الفطر، وقد عهدنا في عصرنا عند الغرب صور شبيهة لحال آخر الزمان، فالفاحشةُ يجهر بها في بلادهم، وتفترش النساء في المتنزهات والأماكن العامة وشواطئ العري، وغير ذلك بما يعطينا صورة أولية عن حال الفاحشة في آخر الزمان، والملاحظ أنّ غاية الإنكار في ذلك الزمان يكون من البعض بطلب المواراةِ بالفاحشة من الطرق إلى الأزقة، وهذا يشير إلى استمكان المنكر وفساد الفطرة لدرجة أحط من البهيمة، وهؤلاء يتناسب فيهم أن يذوقوا صدمة الحشر والصعقة الأولى.