اقرأ في هذا المقال
- فضل حفظ القرآن الكريم
- طريقة حفظ القرآن الكريم
- فضل سماع القرآن
- فضل تلاوة القرآن الكريم
- حكم مس القرآن
- حكم من حفظ القرآن ونسيه
يمكنُ تعريف القرآن في اللغة على أنَّه اسم علمٍ لكتاب الله -عزَّ وجلَّ- كما قيل، وهو اسم مشتقٌ من الفعل قرأ، والذي معناه تفقَّهَ أو هجَّأ الأحرف في الجملة بصورة سليمة، وأمَّا عن تعريف القرآن الكريم في الاصطلاح فهو كلام رب العالمين -جلَّ في علاه- الذي أنزله على عبده محمد -صلى الله عليه وسلّم- وهو كلامٌ مُعجزٌ في اللفظ والمعنى والبناء، متعبَّدٌ بالتلاوة والحفظ، مكتوب ومنقول بالتواتر عن النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم-، وهو المرجع الأول للتشريعات الإسلامية، وهذا المقال سيسلّط الضوء على فضل حفظ القرآن الكريم وفضل تلاوته في الإسلام.
فضل حفظ القرآن الكريم:
إنَّ القرآن الكريم كتاب الله وكلامه وقوله، وفيه كلّ التشريعات التي هيّأها الله تعالى وأمر بها لكي يلتزم بها الناس وأنزلها على قلب رسوله محمد -صلى الله عليه وسلّم- وقد خصَّ الله تعالى من يتلو كتابه العزيز بالخير والثواب، فقد وردَ في السنة النبوية الشريفة ما يدلُّ على عظيم فضل من تلاوة القرآن الكريم، فيما رواه ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “مَن قرأَ حرفًا من كتابِ اللَّهِ فلهُ بهِ حَسَنةٌ والحسَنةُ بعشرِ أمثالِها”، وهذا فيما يخصُّ تلاوة القرآن الكريم فقط، فكيف بمن حفظه عن ظهر قلب، وعلى الرغم من عدم ورود أي حديث فيما صحَّ في السنة يبين فضل من حفظ القرآن الكريم، إلَّا أنَّه من حفظ الكتاب له من الخير الكثير ومن الفضل الكثير، لأنَّ كتاب الله ذو فضل عظيم، قال تعالى في سورة القمر: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ}صدق الله العضيم ، وهذه الآية توضح فضل حفظ القرآن الكريم وتلاوته والتدبر فيه، والله أعلم.
طريقة حفظ القرآن الكريم:
تلقي آيات القرآن الكريم عن مقرئ فسماع القرآن الكريم من الغير يُساعد كثيرًا في الحفظ، وقد كان الرسول -عليه الصلاة والسلام يتلقّى آيات القرآن الكريم عن جبريل -عليه السلام-، لهذا فإن هذه الطريقة تُساعد على الحفظ، وتمنع الوقوع في اللحن والخطأ، وتنظم عملية الحفظ، والقيام بالحفظ من نسخة واحدة من المصحف الشريف والالتزام بها لأنّها تُساعد هذه الطريقة في تثبيت الحفظ أكثر، ويُفضل اختيار نسخة بحروف ظاهرة كبيرة، و ترتيب الوقت لأنّ العبادات تحتاج إلى ترتيب الوقت وتنظيمه، وتوزيع أوقات الحفظ بما يتناسب مع الليل والنهار وتجدد الهمة والنشاط والتخلص من الملل، و اغتنام الوقت الأنسب للحفظ فيجب اغتنام الوقت الذي تكون فيه همّة الإنسان مقبلة غير مدبرة، وأفضلها بعد صلاة الفجر، وما بين الأذان والإقامة وفي المسجد، واختيار أوقات التركيز والاستقرار الذهني، وعدم الانقطاع الطويل عن الحفظ، والمحافظة على الاستمرارية لأنّ تدارس القرآن الكريم بشكل مستمر ودون انقطاع يُساعد كثيرًا على الحفظ.
فضل سماع القرآن:
الاستماع إلى المصحف فيه من الأجر ما فيه، قال تعالى في كتابه العزيز: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}صدق الله العظيم،وجدير بالذكر أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- كان يجتمع مع الصحابة فيقرأ عليهم القرآن، ويأمرهم أن يقرؤوا له، وممّا وردَ في صحيح السنّة النبوية الشريفة، أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- قال لعبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في الحديث: “اقْرَأْ عَلَيَّ، قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أقرَأُ عليكَ وعليكَ أُنزِلَ؟ قال: نعم، فقرأتُ سورةَ النساءِ، حتى أتيتُ إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدً} قال: حسبُكَ الآن، فالتفتُّ إليهِ فإذا عيناه تذْرِفان” ، إنَّ القرآن الكريم هو كلام الله المعصوم عن الخطأ أو النسيان، وقد خصَّه الله تعالى بكثير من الأحكام التي تتعلّق بفضل حفظه وفضل تلاوته وحتى فضل سماع القرآن الكريم.
وفيما يخصُّ فضل سماع القرآن الكريم على وجه الخصوص فقد وضّح رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- للناس أنّ لسماع القرآن الكريم فضلًا كبيرًا، قال -عليه الصَّلاة والسَّلام- في الحديث: “منِ استمَعَ إلى آيةٍ من كتابِ اللَّهِ كتبت لَهُ حسنةٌ مضاعَفةٌ ومن تلاها كانت لَهُ نورًا يومَ القيامَةِ” ، ففي الحديث السابق توضيح لأهمية سماع القرآن الكريم، فمن استمع إلى آية كُتبت له حسنة مضاعفة كما بيَّن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهذا -ولا شكَّ- من فضل الله وكرمه ورحمته.
فضل تلاوة القرآن الكريم:
فيه عمارٌ للنفوس، فعن ابن عباسٍ -رضي الله عنهما-، قَالَ: قَالَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ الَّذِي لَيْسَ في جَوْفِهِ شَيْءٌ مِنَ القُرْآنِ كَالبَيْتِ الخَرِبِ”، فالنفس التي ليس فيها شيء من القرآن خاوية خرِبة لا نرى فيها النور والعمار الذي نلقاه في أهل القرآن، الخضراء نفوسهم، والطيب معشرهم، سبب للرِفعة في الدنيا والآخره، فقارئ القرآن اسمه ساطعٌ في كل مكان خيّر، فمن وجّه قلبه لله أغناه الله عن الدنيا فذاع سيطه دون رغبةٍ منه، فاكتفاؤه بالقرآن رفعة عند الله وبذلك عند خلقه، التالون لكتاب الله هم أهل الله وخاصته.
فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : “إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ” قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ هُمْ؟ قَالَ: “هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ”، فالقرب من الله يكون بذكره، وبقراءة كتابه وتدبّر آياته، فمن تقرّب إلى الله بما يُحب كان من أهل الله وخاصته الذين يحبهم الله ويحبونه، تورث الدرجات العليا في الجنة، عن عبد اللهِ بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-، عن النبيِّ – صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ وَارْتَقِ وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ في الدُّنْيَا، فَإنَّ مَنْزِلَتَكَ عِنْدَ آخِرِ آية تَقْرَؤُهَا”، تلاوة كل حرف من القرآن بحسنة والحسنة بعشر أمثالها، ففضل تلاوة القرآن الكريم كبير جدًا مكسب للإنسان المسلم فالله يُضاعف الحسنات لمن يشاء بكرمه ورحمته -سبحانه-.
حكم مس القرآن:
جاء في السنة النبوية الشريفة عن رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- فيما رواه عمرو بن حزم -رضي الله عنه- قال: “كان في كتابِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ – يعني هذا – ألا يمَسَّ القرآنَ إلا طاهرٌ” ، والمقصود هنا بالطهارة الطهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، وجاء في حكم مس القرآن الكريم “أنَّه لا يجوز للمسلم مس القرآن دون طهارةٍ أبدًا”، وجاء أيضًا أنَّ الطهارة تكون من الحَدَث الأكبر أي الجنابة فقط، وما عدا الحدث الأكبر يحلُّ مس القرآن والقراءة منه، حيث جاء عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلَّم- فيما رواه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- قال: “خرج من الغائطِ وقرأ شيئًا من القرآنِ، وقال: هذا لمن ليس بجنُبٍ، أما الجنبُ فلا، ولا آيةً”، والله أعلم.
حكم من حفظ القرآن ونسيه:
هناك خلاف بين العلماء في حكم من حفظ القرآن الكريم ونسيه فقال بعضهم إنَّه من الذنوب والآثام التي توجب التوبة والمغفرة، وذهب بعض الشافعيين إلى أنَّه كبيرة من الكبائر، وأمَّا ما وردَ من دلائل استند عليها الطرفان ممّن أصدروا أحكامًا في من نسي القرآن الكريم بعد حفظه فهو حديث رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين قال: “مَن قرأ القرآنَ ثمَّ نسيَه لقيَ اللهَ وهو أجذمُ” ، وممّا قيل أيضًا وهو حديث ضعيف ويُذكر للاستئناس لا أكثر، وقد واستند عل معناه بعض العلماء للتنبيه على ضرورة حفظ كتاب الله في القلب وعدم نسيانه، فيما رواه أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-: “عُرضتْ عليَّ أجورُ أمتي حتى الْقَذاةُ يخرجُها الرجلُ منَ المسجدِ، و عرضتْ عليَّ ذنوبُ أمتي، فلمْ أرَ ذنبًا أعظمَ منْ سُورةٍ منَ القرآنِ، أوْ آيةٍ أوتيها رجلٌ ثمَّ نسيَها” والله تعالى أعلى وأعلم.