ليلة القدر:
ليلة القدر: هي إحدى ليالي شهر رمضان المبارك، وأعظمها إجلالاً وقدراً، حيث يؤمن المسلمون بأنَّها خيرٌ من ألف شهر، وهي الليلة التي أمر الله فيها جبريل بإنزال القرآن الكريم من اللوح المحفوظ إلى مكانٍ في سماء الدُّنيا ويسمّى(بيت العزة)، ثم من بيت العزةِ صار ينزل به جبريل على محمد متفرقًا على حسب الأسباب والحوادث، فأوَّل ما نزل منه كان في تلك الليلة حيث نزلت خمس آيات من سورة العلق .
يُستحب تحرّي ليلة القدر في رمضان، والاجتهاد في العبادة فيها، لأنّ العبادة فيها مضاعف فضلها، حتى إنه ليبلغ فضل ثواب العمل فيها، أكثر من ثواب عمل 83 عاما، فقال تعالى:(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْر)“القدر3”.
والدعاء فيها مستجاب، ومن قامها فوافقها غُفر له ما تقدم من ذنبهِ، ولهذا كان النبيُّ ــ صلّى الله عليه وسلم ــ يجتهد في تحرّيها، ويطلبها بالاعتكاف في المسجد، لئلا يفوته فضلها العظيم، كما صحّ في الأحاديث.
وجاء في صحيح مسلم من حديث أَبِي سعيد الْخدرِيِ رضي اللَّه عَنه قَال:(إِنَّ رَسول اللَّهِ صلَّى اللَّه عَلَيه وَسَلَّمَ اعتَكَفَ العَشرَ الأَوَّلَ مِن رَمَضَانَ، ثم اعتَكَفَ العَشرَ الأَوْسَطَ فِي قبَة تركِيَة”والقبّة: هي الخيمة وكلّ بنيان مدوّر عَلَى سُدَّتِهَا حَصِير، قَال فَأَخَذ الحَصِير بِيَدِهِ فَنَحَّاهَا فِي نَاحيَة القُبَّةِ، ثمَ أَطلَعَ رَأسَه، فَكَلَمَ النَّاسَ فَدَنَوا مِنه، فَقَالَ:(إِنِّي اعْتَكَفْتُ العَشر الأَول، أَلتَمس هَذِه اللَّيلة، ثمَ اعتَكَفت العَشرَ الأَوسَطَ ثمَّ أتِيت، فَقِيل لِي إِنَّها فِي العَشرِ الأَوَاخرِ، فَمَن أَحب منكم أَن يعتَكِف فَليَعتَكِف، فَاعْتَكَفَ النَّاس معَه، قَال: وَإِني أريتهَا لَيْلَةَ وِترٍ ، وَإِنِّي أَسجد صَبِيحَتها فِي طِين، وماء، فَأَصبَح مِن لَيلة إِحدى وعشرِين، وَقَد قَام إِلَى الصبح، فَمَطَرَت السماء، فَوَكف الناس المَسجِد ، فَأَبصَرت الطِينَ، وَالمَاءَ، فَخَرَجَ حِينَ فَرغ مِن صلاةِ الصبح، وَجَبِينه، وروثَة أنفِه، فِيهِمَا الطِين، والمَاء، وإِذَا هي لَيلَة إِحدى وعشرِينَ مِن العشرِ الأَواخرِ)”صحيح مسلم”.
وليلة القدر: هـي في العشر الأواخر من رمضان ، روى البخاري أنّ النبيَّ ــ صلى الله عليه وسلّم ــقال:(تحرَّوْا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان)“صحيح البخاري”.
وهي آكد في ليالي الوتر من العشر الأواخر، لحديث عائشة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(تحرّوا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر)“رواه البخاري”.
وآكد ما تكون في السبع والعشرون الآواخر من رمضان، ولذلك جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنه أن رجالاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام، في السبع الأواخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السبع الأواخر)”رواه البخاري ومسلم”. ثم هي أرجى ما تكون ليلة السابع والعشرين من رمضان، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، من حديث ابن عمر عند أحمد، ومن حديث معاوية عند أبي داود، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:(ليلة القدر ليلة سبع وعشرين)“خرّجه أحمد وأبو داود”.
فضائل ليلة القدر:
- أنَّ الله تعالى أنزل فيها القرآن الكريم الذي يكون به هدايةُ البشَر وسعادتهم في دار الدنيا والآخرة.
- أنَّها خيرٌ من ألف شهر: فعن أنس رضي الله عنه قال: دخل رمضان، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلَّم إنَّ هذا الشهر قد حضرَكم، وفيه ليلةٌ خير من ألف شهر من حُرِمها فقد حُرِم الخير كلَّه، ولا يُحرم خيرها إلاَّ محرومٌ)” رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب”.
- أنَّ الملائكة تَنزل فيها على الأرض: وهم لا ينزِلون إلَّا بالخير والبركة والرحمة التي أوصاهم بها الله تعالى.
- أنَّها سلامٌ؛ لكثرة السَّلام فيها من العقاب والعذاب بما يقوم به العبد من طاعة الله عز وجل.
أن الله تعالى أنزل في فضلها سورةً كاملة تتلى إلى يوم القيامة ألا وهي سورة القدر.
ماهو السرّ في إخفائها:
أخفى الله سبحانه وتعالى علمها على العباد، وذلك رحمةً بهم، حتى يجتهدوا في طلبها ويعملوا من أجلها، ويكثروا من عملهم في طلبِ تلك الليالي الفاضلة بالصلاة والذِّكر والدعاء، فيزدادوا قُربةً من الله وثوابًا، وأخفاها اختبارًا لهم أيضًا؛ ليتبيَّن بذلك من كان جادًّا في طلبها، حريصًا عليها، ممَّن كان كسلان متهاونًا، ولا شكَّ أن هذا ينطبق في هذه الأيام على بعض المصلِّين؛ حيث يعتقد غالب الناس أنَّها ليلة السابع والعشرين، فتكتظّ المساجد بالمصلِّين بينما تكاد تخلو المساجد في بقية الأيام.