فقه الزكاة

اقرأ في هذا المقال


أحكام الزكاة في الفقه الإسلامي: هي الأحكام التفصيلية المُتعلّقة بالزكاة، ضمن دراسة علم فروع الفقه، حيث يقع موضوع الزكاة من الناحية الفقهية ضمن فقه العبادات، وغالبا ما يكون في الترتيب الثالث بعد الطهارة والصلاة في كتب فروع الفقه.

إنّ للزكاة أحكام فقهية تبدأ بذكر الأولويات بما في ذلك تعريف الزكاة بالمعنى اللّغوي، والاصطلاحي، وتسميتها، وحكمها الشرعي، ومشروعيتها في الإسلام، ومتى فرضت؟ وأدلة فرضها، وغير ذلك.

ثم تذكر تفاصيل أحكامها بما في ذلك شروط وجوبها، وعلى من تجب، وما هي الأشياء التي تجب فيها الزكاة؟ والذي يشمل: النقد والعروض وسائمة المواشي والمعشرات، وزكاة الفطر. ومقادير الزكاة، وغير ذلك من الأحكام.

الزكاة بالمعنى الشرعي: هي: “اسم لمال مخصوص يجب على المسلم دفعه، على وجه مخصوص، ويصرف في مصارف الزكاة، بشروط مخصوصة. 

فالزكاة: هي المال الواجب دفعه، والمزكِّي هو: الذي تجب عليه الزكاة، ومصارف الزكاة هي الجهات التي يدفع إليها الزكاة، والذي يجب فيه الزكاة.

تعريف الزكاة:

وهي في اللغة: النَّماء والزيادة يقال: زكا الزرع إذا نما وزاد، ويطلق على المدح؛ لقوله تعالى: فلا تزكوا أنفسكم (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى)”النجم:32″. 

 وعلى التطهير؛ لقوله تعالى:(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) أي: طهرها عن الأدناس، ويطلق على الصلاح يقال: رجل زكي أي: زائد الخير من قوم أزكياء، وزكى القاضي الشهود: إذا بين زيادتهم في الخير، فسُمّي المال المخرج زكاة؛ لأنهُ يزيد في المخرج منه، ويقيه الآفات.

الزكاة هي: إخراجُ قدرٍ معلوم من مال الأغنياء لإغناء المُعدم، وسدّ حاجاته ورعاية لمصالحه، ومغفرة الذنوب، وهي تزكية للنفس وتنمية الأجر.

واختلف العلماء هل فرضت بمكة أم في المدينة وفي ذلك آيات، وذكر صاحب المغني والمحرر وحفيده أنها مدنية قال في الفروع: ولعل المراد طلبها، وبعث السعاة لقبضها، فهذا بالمدينة».

النية في الزكاة:

إيتاء الزكاة نوع من العبادات، ولا تصح العبادة إلَّا بالنية، لكن وقتها يختلف عن وقت النية في العبادات الأخرى كالصلاة مثلا، فينوي المُزكي إخراج الزكاة الواجبة عليه. وأما النية بمعنى: القصد المُتعلق بملك المال؛ فهو من قبيل المعاملات، تتعلَّق بها بعض الأحكام، وغالباً ما يكون الحكم بظاهر الأمر، فمن وجبت عليه الزكاة؛ لا يسأل لماذا ملكها، لكن قد يكون للنّية تأثير في بعض الصور مثل: القنية والاستعمال والتجارة.

  • نية القنية، هو: أن ينوي بالمال الذي يملكه الاحتفاظ به فقط، ويختلف الحكم في هذا الاقتناء، فقد يكون الاقتناء حراماً، مثل: أواني الذهب والفضة، التي يتخذها الشخص ويحتفظ بها، ولا يستعملها؛ لأن استعمالها حرام، وما حرم استعماله حرم اقتناؤه. وقد لا يكون الاقتناء حراماً، مثاله: أن يملك نقداً من الذهب أو الفضة أو غيرها من الأموال، ولا يكون هذا حراما إذا أدى زكاته.
  • نية التجارة: قد تؤثّر في بعض الصور، فمن امتلك مالاً وهو يتاجر به؛ فهو مال تجارة عملا بالظاهر، ولكن إذا اقتنى مالاً ولم يتاجر به؛ فإن كان ممّا تجب فيه الزكاة ولم ينوِ به التجارة؛ تعلَّقت الزكاة بالمال، وإن كان ممّا لا تجب فيه الزكاة؛ فإن نوى به التجارة؛ فهو مال تجارة، أو القنية فقط؛ فلازكاة فيه.

وقت إخراج الزكاة:

فيجب إخراج زكاة المال بعد مرور حول قمري كامل من بلوغ النصاب، فإذا اكتمل العام في أول الشهر وجب إخراجها في أوله، وإذا لم يكتمل إلّا في وسطه أو آخره ولا يجوز إخراجها قبل ذلك، إلّا أن يشاء صاحب المال تعجيل زكاته، وما أحيل عليه فيها.


ولا حرج في إخراج زكاة المال في شهر معين بشرط أن يكون هذا الشهر هو وقت اكتمال الحول أو قبله، لا بعده.
وقد سُئِلت اللجنة الدائمة عن رجل ملك النصاب في شهر رجب، ويريد إخراج الزكاة في رمضان، فأجابت اللجنة: تجب الزكاة عليك في شهر رجب من السنة التالية للسنة التي ملكت فيها النصاب … لكن إن رغبتَ في إخراجها في رمضان الذي بالسنة التي ملكت فيها النصاب تعجيلًا لها قبل أن يحول الحول، جاز ذلك إذا كانت هناك حاجة ملحة لتعجيلها، أمّا تأخير إخراجها إلى رمضان بعد تمام الحول في رجب، فهذا لا يجوز لوجوب إخراجها على الفور.
وسُئِل الشيخ ابن باز – رحمه الله – عن رجل يخرج زكاة أمواله كل عام في بداية شهر رمضان المبارك، وهو يرغب حاليًا إخراج الزكاة كل عام في بداية محرم نظرًا لقضاء حوائج الناس المحتاجين.
فأجاب بأنه ليس له تأخير الزكاة إلى المحرم، ولكن يجوز له أن يعجل الزكاة قبل رمضان في المحرم أو غيره.

وأمَّا ما تتوقّع استفادته من مال في هذا الشهر أو غيره، فإنما تجب زكاته في العام القادم بعد مرور حول كامل من دخوله في ملكك إذا كان نصابًا، أو عندك من المال ما يُكمّل معه نصابًا.

وإن شئتَ إخراجها قبل ذلك فهو جائز، بشرط أن يكون إخراجها بعد تملككَ لهذا المال لا قبله؛ لأن الملك سبب لوجوب الزكاة، وأمّا حولان الحول فهو شرط لوجوبها، ومن القواعد الفقهية أن تقديم الشيء على سببه ملغى، وعلى شرطه جائز.
قال ابن رجب في القواعد: العبادات كلها سواء كانت بدنية، أو مالية، أو مركبة، ومنهما لا يجوز تقديمها على سبب وجوبها، ويجوز تقديمها بعد سبب الوجوب وقبل الوجوب، أو قبل شرط الوجوب ويتفرع على ذلك مسائل كثيرة : … (ومنها) زكاة المال ويجوز تقديمها من أول الحول بعد كمال النصاب.



شارك المقالة: