مكاني الهبوط واللقاء بين آدم عليه السلام وحواء:
يقول الشيخ محمد صالح المنجد، الداعية السعودي، قال إن الثابت المقطوع به في القرآن الكريم هو أن آدم وحواء عليهما السلام أُهبطا من الجنة إلى الأرض بعد أن أكلا من الشجرة، وذلك في ردهِ على سؤال حول مكان هبوط آدم وحواء في الأرض، قال تعالى: “فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ”البقرة:36.
- مكان الهبوط:
لقد أُهبط آدم وزوجه وإبليس من الجنة، فما هو المكان الذي هبط فيه كل واحدٍ منهم هناك عدة أقوال لبعض العلماء وهي ما يلي:
أولاً هبوط آدم: ولقد جاء هبوط آدم عليه السلام على ثلاثة أقوال:
– روي عن ابن عباس أن آدم هبط على أرضٍ يُقال لها دحنا، بين مكة والطائف.
– ورُوي عن ابن عمر أن آدم هبطَ بالصفا.
– وأن أكثر العلماء والمفسرون على أنه هبطَ بالهند، وقد جاءت أكثر الآثار معضدةً لهذا الرأي، فقد روى الطبري في تاريخه عن قتادة قال: أهبط الله عزوجل آدم إلى الأرض، وكان مهبطه بأرض الهند.
وعن الربيع ابن أنس عن أبي العالية قال: أهبطَ آدم إلى الهند، وعن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال: قال علي بن أبي طالب عليه السلام أطيب أرضٍ في الأرضِ ريحاً أرضُ الهند، أهبط بها آدم، فعلق شجرها من ريح الجنة، وأخرج الحاكم في مستدركه عن ابن عباس قال: إنّ أول ما أهبط الله آدم إلى الأرض الهند، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يُخرجاه.
إذن إن أكثر الآثار تقول إنّ هبوط آدم كان بالهند في مملكةٍ يُقال لها سرنديب، على جبلٍ يُقال له بوذا أو نُود أو نُوذا على بعض الروايات، وهناك آراء أخرى حول اسم الجبل، قيل إن اسمهُ الراهون، وقيل غير ذلك، وهذا الجبل قيل إنه أقرب جبال الأرض إلى السماء.
وقال بعض المؤرخين إن هذا الجبل بأعلى الهند نحو الصين، جبلٌ عالٍ يراه البحريون من مسافة أيامٍ وفيه أثر قدم آدم مغموسة في الحجر، ويُرى على هذا الجبل كل ليلةٍ كهيئة البرق من غيرِ سحابٍ، ولا بدّ له في كل يومٍ من مطراً يغسلُ قَدَمي آدم، ويُقال إن الياقوت الأحمر يوجد على هذا الجبل الذي تحدرُه السيول والأمطار إلى الحضيض، وبه يوجدُ ألمس أيضاً والعود، والله أعلم.
يقول الحافظ ابن كثير: وقال السدي: قال الله تعالى: “اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا” فهبطوا، فنزل آدم بالهند، ونزل معه الحجر الأسود، وقبضةً من ورق الجنة، فبثه بالهند، فنبتت شجرةُ الطيب، فإنما أصل ما يجاء به من الهند من الطيب من قبضة الورق التي هبط بها آدم، وإنما قبضها آدم أسفًا على الجنة حين أخرج منها.
ثانياً: هبوط حواء: لقد جاءت أقوالٌ متطابقة في المكان الذي هبطت به حواء، وهي منطقة جدة:
ثالثاً: هبوط إبليس: قيل إن إبليس هبط في منطقة يُقال لها بيسان، وقيل ميسان. وقيل هبط في منطقة الأبلة.
2. لقاء آدم وحواء:
لقد كان هبوط آدم وزوجه في أمكنة متفرقة، فآدم هبطَ بالهند على أصح الروايات، وحواء بجدة وبين المكانين فرقٌ شاسع، فكيف تم لقاؤهُما، ذكر الديار بكرى عن خروج آدم وزوجه حيث قال: خرجَ آدم وحواء من الجنة عريانين جوعانين، أخذ كل منهما بيد الآخر، فجاء جبريل وقال لآدم خلِ يدها فإن الملك يأمرك أن تفارقها، فلما خلاها فقد كل منهما، فجعلا يبكيان هذا يقول وا فرقتاهُ والآخر يقول وا غربتاه، فكيف تم لقائهما إذن، هذا ما أجاب عليه علماء السير والتاريخ.
قال ابن سعد في طبقاته عن أبي صالح قال: “أهبط آدم بالهند، وحواء بجدة، فجاء في طلبها حتى أتى جميعاً فازدلفت إليه حواء فلذلك سميت المزدلفة، واجتمعا بجمع فلذلك سميت جميعاً”.
وذكر الطبري في تاريخه عن مجاهد قال خرج آدم عليه السلام من الهند يؤم البيت الحرام الذي أمره الله عزّ وجل بالمسير إليه حتى أتاه فطاف به ونسك المناسك، فذكر أنه التقى وهو حواء بعرفات فتعارفا بها، ثم ازدلف إليها بالمزدلفة، ثم رجع إلى الهند مع حواء فاتَخذا مغارة يأويانِ إليها في ليلهِما ونَهارهما.
وعلى كلٍ فقد تم لقاء آدم وحواء على هذه الأرض بعد تفرقهما، ليتم الزواج والتناسل ليعمروا هذا الأرض وليُنشئوا عليها خلافة الله.