كثُرت المواقف التي كانت تجمع ما بين الرسول محمد عليه الصلاة والسلام وتلك المواقف الرائعة والصحابة رضوان الله عليهم، حيث أنَّ النبي صلَّ الله عليه وسلَّم كان ذلك الصديق الحنون والكريم والرحيم، كما أنَّ القصص المتعددة التي توضح كيف كان سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام على ذلك الخُلق العظيم والرائع.
ما هي قصة بعير الصحابي الجليل جابر بن عبد الله
كان الصحابي جابر بن عبد الله رضي الله عنه وأرضاه كثيراً ما يُحب التقرب من سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، فكان رضي الله عنه يخرج مع النبي للقتال في الغزوات وهذا ضدَ الكُفار، كما وأنَّه رضي الله عنه قد شارك في مسيرة النبي إلى نجد وهذا بغية محاربة الكُفار، وقد خرج جابر مع النبي ذات مرَّة ولم يكن معه سوى ذلك الجمل الخاص به والذي كان مريضاً، حيث أنَّ هذا الجمل كان هزيل وضعيف أيضاً، وكان لم يستطع أن يصل بجمله هذا إلى رفاقه الذين قد سبقوه آنذاك.
تخلَّف الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن المسيرة؛ وهذا لأنَّ جَمله بطيء عن باقي جِمال الصحابة رضوان الله عليهم، ولكنَّ سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام قد لحق به آنذاك وقد لاحظ أنَّه تأخر عن باقي أصحابه، فقال عليه الصلاة بسؤاله عن السبب الذي جعله يتأخر، فأجابه رضي الله عنه وقال: “يا رسول الله؛ أبطأني جملي هذا”، فقال سيدنا محمد صلَّ الله عليه وسلَّم “أنخه”، فأناخ جابر رضي الله عنه ذلك الجمل المريض كما أناخ النبي عليه السلام ناقته.
وبعد هذا قال سيدنا محمد لجابر بن عبد الله: “أعطي هذه العصا من يدك”، فقام رضي الله وأعطى سيدنا محمد العصا التي بيده آنذاك، فقام سيدنا محمد بنخس الجمل الهزيل بعض من النخسات، وبعد ذلك أمر جابر بن عبد الله قائلاً: “اركب”، وبالفعل قام جابر رضي الله عنه بالركوب على ذلك الجمل وكانت المفاجأة بأنَّ الجمل الضعيف ذلك قد أصبح بمقدورها أن تُسابق ناقة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام.
وقد أصبح ذلك الجمل وكأنَّه لم يكن مريضاً بتاتاً، وحينها قال سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام: “أتبيعني جملك هذا يا جابر؟”، فأجاب رضي الله عنه وأرضاه: “بل أهبه لك يا رسول الله، ولا أبيعه فهو هبة وهدية”، فقال سيدنا محمد عليه السلام: “لا، ولكن بعينه”، وحينها قال جابر رضي الله عنه:” سمّه وقل ثمنه يا رسول الله، فقال سينا محمد عليه السلام: “بدرهم”، ولكنَّ جابر بن عبد الله رضي الله عنه آنذاك قال: “لا يا رسول الله، لا أرضى بهذا السعر”، فردَّ عليه عليه السلام قائلاً: “بدرهمين”، فأجابه جابر بن عبدالله رضي الله عنه: “لا يا رسول الله”.
استمر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام هكذا يقوم برفع سعر تلك البعير التي كان يملكها جابر رضي الله عنه، الذي كان يرفض كلما زاد النبي بالسعر، إلى أن وصل سعر البعير حينها إلى مقدار أوقية كاملةً، وهو ذلك الذي يُعني بأنَّها على مقدار الدراهم المتعددة، وآنذاك قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه للنبي عليه السلام: “أفقد رضيت يا رسول الله؟”، فأجابه عليه السلام: “نعم”، فتحدث جابر رضي الله عنه وكان يقول: “هو لك”، ومن ثم ذهب جابر بن عبد الله إلى باب سيدنا محمد ومعه تلك البعير.
وبعد ذلك ذهب جابر بن عبدالله إلى مسجد كان بالقرب من منزل الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، وعندما خرج سيدنا محمد وذهب حينها إلى بيته وجد البعير أمام البيت، فسأل: “ما هذا؟”، فقام الناس بالإجابة عليه قائلين: “هذا جمل جاء به جابر”، فقال عليه السلام بالسؤال عن الصحابي جابر بن عبدالله، حتى أنَّ المسلمين البعض منهم دعوه وهذا لكي يذهب إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وعندما وصل إلى النبي قال له عليه السلام: “يا ابن أخي؛ خُذ جملك”.
وبعد ذلك قام النبي عليه السلام بدعاء بلال، حيث أنَّه عليه السلام قال له: “اعطِ جابر أوقية”، ثم ذهب جابر مع بلال وأخذ حينها العديد من الدراهم وهذا للبعير التي قد تركها النبي عليه الصلاة والسلام كثمناً للبعير التي باعها إياها جابر.