الغنى والفقر كلمتان مضادتان لبعضهما فالغنى عكس الفقر، فالغنى الحقيقي هو غنى الروح، أما الفقر فهو رحمةً لبني البشر الذين يحاولون أن يحافظوا على كرامتهم من خلال فقرهم يشعرون بالأمل والدعاء الدائم لله وحده بأن يخرجهم مما هم فيه من الفقر.
قصة الرجل الغني والفقير
كان هناك في بلدة صغيرة رجل فقير جدًا وكان عندما يستيقظ من النوم، يذهب إلى الطريق ليجمع بعض المال أو الطعام وكان يوصف ذلك الرجل بأنه أشعث أغبر.
ومن شدة الفقر الذي هو فيه كان يمر الناس من جانبه وينفرون منه ومن هيئته، ولا يقدمون له أي نوع من المساعدة، وفي يوم من الأيام لم يحصل على أي نوع من المساعدة لا طعام ولا شراب.
في تلك الأثناء ذهب إلى البيت ونام وهو جائع، ومن شدة الجوع الذي حل به حاول أن ينام لكن دون فائدة الأمر الذي جعله يستيقظ مبكرًا للشارع لعل حظه يكون في هذا اليوم أفضل من اليوم الذي سبقه.
مرّ بجانبه رجل غني لكنه أبداً لم ينظر إليه، الأمر الذي جعله ينادي عليه بصوت عال أيها الرجل، أيها الرجل أرجوك ساعدني، نظر إليه الرجل الغني بازدراء واستهزاء لماذا تناديني أيها الرجل الفقير، قال له الرجل الفقير: لماذا لا تقرضني بعض المال أيها الرجل الغني؟
نظر الرجل الغني للرجل الفقير باستهزاء وقال له: لماذا أقرضك أيها الفقير، وقد تحدث إليه باستهزاء وبكل ازدراء، وقال له: لماذا أعطيك المال وأنت فقير وبهيئتك هذه، لن أعطيك أي نوع من النقود؛ لأنك لا تستحق أي نوع من المساعدة اذهب وانصرف من وجهي.
والرجل الفقير وكأن أحدهم وضع في حلقه صخرة، وقال للرجل الغني: “الله أعطاك المال وتتكبر عليه، أما أنا فقد أعطاني الله كرامتي التي أحمد الله عليها دائماً وأبداً أنا لم أطلب دون مقابل طلبت ديناً فقط”. وكرامتي عندي خير من الدنيا وما فيها.
أما أنت فإنك جشع تملك الكثير من المال لكنك تظن نفسك أنك أصبحت فوق الجميع، لا تتكبر بمالك الذي سيزول يوماً ما عنك.
عندما سمع الرجل الغني هذا الكلام من الرجل الفقير حمل نفسه وذهب للبيت دون أن يرد عليه بأي كلمة، في تلك الأثناء ذهب الرجل الفقير مكسور الخاطر من استهزاء الرجل الغني به.
في صباح اليوم التالي ذهب الرجل الفقير إلى بيت الرجل الغني، وهو يقول بينه وبين نفسه ماذا سأفعل، دق الرجل الفقير الباب ثم فتحت له زوجة الغني الباب وقالت: من أنت؟ تفضل لقد طرقت الباب بشدة ماذا هناك؟ ما هي مشكلتك؟
أجاب الرجل الفقير: إنني رجل فقير وزوجك دائماً يستهزأ بي، ما هي إلا دقائق ودق الرجل الغني الباب ومعه رجال الشرطة، في تلك الأثناء جنت الزوجة عندما رأت الشرطة مع زوجها وسألته ماذا فعلت لتأتي مع الشرطة، لم يجب الرجل الغني زوجته؛ لأن كبرياؤه كان أقوى من أن يقول عن حاله سارق.
أجاب الشرطي: إن زوجك قد سرق العديد من البنوك في هذه البلدة.
في تلك اللحظة نظر الرجل الفقير للرجل الغني ونظر لزوجته ووجدها تبكي بكاءً شديداً والدموع تنسكب من عينيها وتحرق وجنتيها.
رجل الشرطة سأل الرجل الفقير من أنت؟ وماذا تفعل هنا؟
أجاب الرجل الفقير: أنا يا سيدي رجل فقير ولا أحد يساعدني، حاولت كثيراً أن أستجدي ما يسدّ رمقي من العطش والجوع أو أن يحاول أحدهم أن يساعدني لكن دون جدوى فالجميع يستهزأ بي، وكم تمنيتُ يا سيدي أن أبحث لنفسي عن عمل لكن دون فائدة.
وقد طلبت المال من هذا الرجل الغني، لكنه رفض وأخذ يستهزأ بي وأهانني كثيراً وجئت هنا فوجدت زوجته وشكوت لها عن الوضع الذي ألم بي.
قال الشرطي: ما رأيك أنأدلك على عمل مناسب لك وتبدأ فيه على الفور؟ ونساعدك في الحصول على راتب يساندك في حياتك اليومية دون أن تحتاج للناس.
الرجل الفقير: أنا حقاً، لقد اغرورقت عيني الرجل من الفرحة، ولم يعرف ماذا سيجيب؟ أحقاً ما قلته يا سيدي؟ لقد جاءت ساعة الفرج عندما ضاقت الحياة بذلك الرجل ففي الوقت الذي جاء يشكو فيه الرجل الغني واستهزاءه منه، كان هو ذلك السبب الذي نقل حياته من الحزن واليأس إلى ساعة فرج لن ينساها.
لقد أيقن الرجل الغني المعنى الذي قصده الرجل الفقير من أن كرامته فوق المال وهو رجل غني وجشع، وهكذا ليس كل غني مرتاح البال وليس كل فقير تعيس، فالغنى لا طعم له إن لم يكن مال حلال؛ لذلك فقد قرر ذلك الرجل أن يساعد كل محتاج دون استثناء.
قصة الطبيب والفتاة
كان هناك شاب يبلغ من العمر خمسة عشرة سنة، وكان هذا الشاب يعمل في مجال بيع الطعام للمنازل ليؤمن حاجيات تعليمه اليومية.
في يوم من الأيام وبينما أكمل الشاب توزيع الطعام على المنازل، وبعد أن جمع بعض النقود وجد أن المبلغ الذي جمعه لا يبقى منه شيئاً؛ لذلك قرر أن يذهب ويدق الباب ويطلب بعض الطعام.
عندما دق الشاب الباب فتحت له الفتاة الباب، مما اضطره أن يطلب بعض الماء ليشرب في تلك الأثناء خجل أن يطلب منها الطعام.
خرجت الفتاة ومعها كأساً من اللبن وشرب منه فسألها كم تريدين ثمنًا للكأس.
قالت الفتاة: إن والدي علمنا أن لا نأخذ ثمناً لعمل الخير.
الشاب بدوره شكر الفتاة على عملها النبيل.
مرت الأيام وكبر الشاب وأصبح طبيباً وفي يوم من الأيام كانت الصدفة قد جمعت الطبيب بالفتاة، وذلك عندما تعبت الفتاة وكان يجب عليها أن تقوم بإجراء عملية جراحية تكلف مبلغاً باهضاً. عندما قام الطبيب بإجراء العملية تعرف على تلك الفتاة، وبعدما عملت الفتاة العملية جاء المحاسب وكان مكتوب على الشيك المبلغ مدفوع ثمنه كأساً من اللبن.